للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى الولي ندماً على ما فعل خوفاً من الله وتوبة نصوحاً سقط حق الله بالتوبة، وحق الأولياء بالاستيفاء أو الصلح أو العفو، وبقي حق للمقتول يعوضه الله عنه يوم القيامة عن عبده التائب ويصلح بينه وبينه انتهى.

وأما لو سلّم القاتل نفسه اختياراً من غير ندم ولا توبة أو قتل كرهاً فيسقط حق الوارث فقط ويبقى حق الله تعالى لأنه لا يسقطه إلا التوبة كما علمت، ويبقى حق المقتول أيضاً لأنه لم يصل له شيء من القاتل ويطالبه به في الآخرة، ولا يقال يعوضه الله عنه مثل ما تقدم لأنه لم يسلم نفسه تائباً، تأمل قاله سليمان الجمل، وعبارة الرملي على المنهاج: وبالقود أو العفو أو أخذ الدية لا تبقى مطالبة أخروية.

(ومن لم يحكم بما أنزل الله) قيل نزلت هذه الآية حين اصطلحوا على أن لا يقتل الشريف بالوضيع ولا الرجل بالمرأة (فأولئك هم الظالمون) ضمير الفصل مع اسم الإشارة وتعريف الخبر يستفاد منها أن الظلم الصادر منهم ظلم عظيم بالغ إلى الغاية، وذكر الظلم هنا مناسب لأنه جاء عقب أشياء مخصوصة من أمر القتل والجرح فناسب ذكر الظلم المنافي للقصاص وعدم التسوية فيه.

وهذه الآية من الأدلة على اشتراط الاجتهاد فإنه لا يحكم بما أنزل الله إلا من عرف التنزيل والتأويل.

ومما يدل على ذلك حديث معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما بعثه إلى اليمن يعني قاضياً قال " أي امتحاناً له ": كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله قال: فبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: أجتهد رأيي ولا آلو -أي لا أقصر في الاجتهاد والتحري للصواب- قال أي الراوي.

فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>