للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(شرعة ومنهاجاً) الشرعة والشريعة في الأصل الطريقة الظاهرة التي يتوصل بها إلى الماء ثم استعملت فيما شرعه الله لعباده من الدين، والمنهاج الطريقة الواضحة البينة، وقال محمد بن يزيد المبرد الشريعة ابتداء الطريق والمنهاج الطريق المستمر.

ومعنى الآية أنه جعل التوراة لأهلها، والإنجيل لأهله، والقرآن لأهله، وهذا قبل نسخ الشرائع السابقة بالقرآن، وأما بعده فلا شرعة ولا منهاج إلا ما جاء به - صلى الله عليه وسلم - قال ابن عباس في الآية: سنة وسبيلاً، وقال قتادة سبيلاً وسنة، وقد وردت آيات دالة على عدم التباين في طريقة الأنبياء وعلى حصول التباين بينهم، والجمع بينها أن الأولى في أصول الدين، والثانية في فروعه وما يتعلق بظاهر العبادات والله أعلم.

(ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة) بشريعة واحدة وكتاب واحد ورسول واحد في جميع الأعصار من غير نسخ وتحويل (ولكن ليبلوكم) أي ولكن لم يشأ ذلك الاتحاد بل شاء الابتلاء لكم باختلاف الشرائع فيكون ليبلوكم متعلقاً بمحذوف دل عليه سياق الكلام.

(فيما آتاكم) أي فيما أنزله عليكم من الشرائع المختلفة باختلاف الأوقات والرسل هل تعملون بذلك وتذعنون له أو تتركوه وتخالفون ما اقتضته مشيئة الله وحكمته، وتميلون إلى الهوى، وتشترون الضلالة بالهدى وفيه دليل على اختلاف الشرائع هو لهذه العلة، أعني الابتلاء والامتحان لا لكون مصالح العباد مختلفة باختلاف الأوقات والأشخاص.

(فاستبقوا الخيرات) أي إذا كانت المشيئة قد قضت باختلاف الشرائع فاستبقوا إلى فعل ما أمركم بفعله وترك ما أمركم بتركه أي فابتدروها انتهازاً للفرصة وحيازة لفضل السبق والتقدم، والاستباق المسارعة.

(إلى الله) لا إلى غيره (مرجعكم جميعاً) وهذه الجملة كالعلّة لما قبلها.

(فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون) من أمر الدين والدنيا فيفصل بين المحق والمبطل والطائع والعاصي بالثواب والعقاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>