العارف والعلوم، وقيل إنه الكلام الذي يجيء به الأرواح، والقدس الطهر، وإضافته إليه لكونه سببه.
وجملة (تكلم الناس) مبينة لمعنى التأييد أي تكلمهم (في المهد) حال كونك صبياً (وكهلا) لا يتفاوت كلامك في الحالين بل يكون على نسق واحد بديع صادر عن كمال العقل والتدبير مع أن غيرك يتفاوت كلامه فيهما تفاوتاً بيناً، وهذه معجزة عظيمة وخاصة شريفة ليست لأحد قبله.
قال ابن عباس: أرسل الله عيسى وهو ابن ثلاثين سنة فمكث في رسالته ثلاثين شهراً ثم رفعه إليه ثم ينزله إلى الأرض وهو في سن الكهولة.
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إذا كان يوم القيامة يدعى بالأنبياء وأممها ثم يدعى بعيسى فيذكره نعمته عليه فيقر بها فيقول يا عيسى بن مريم اذكر نعمتي عليك الآية ثم يقول أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله فينكر أن يكون قال ذلك فيؤتى بالنصارى فيسئلون فيقولون نعم هو أمرنا بذلك فيطول شعر عيسى حتى يأخذ كل ملك من الملائكة بشعرة من شعر رأسه وجسده فيجاثيهم بين يدي الله مقدار ألف عام حتى يوقع عليهم الحجة ويرفع لهم الصليب وينطلق بهم إلى النار ".
(وإذ علمتك الكتاب) أي اذكر نعمتي عليك وقت تعليمي لك الكتاب أي جنس الكتاب أو المراد بالكتاب الخط (والحكمة) أي الفهم والإطلال على أسرار العلوم، وقيل جنس الحكمة وقيل هي الكلام المحكم (والتوراة والإنجيل) فعلى الأول يكون هذا من عطف الخاص على العام وتخصيصهما بالذكر لمزيد اختصاصه بهما أما التوراة فقد كان يحتج بها على اليهود في غالب ما يدور بينه وبينهم من الجدال كما هو مصرح بذلك في الإنجيل، وأما الإنجيل فلكونه نازلاً عليه من عند الله سبحانه.
(وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير) أي تصور تصويراً مثل صورة الطير