(بإذني) لك بذلك وتيسيري له (فتنفخ فيها) أي في الهيئة المصورة (فتكون) هذه الهيئة (طيراً) متحركاً حياً كسائر الطيور (بإذني) وكان الخلق لهذا الطير معجزة لعيسى أكرمه الله تعالى بها، وتقدم في آل عمران أنه كان صور لهم صورة الخفاش وكان ذلك بطلبهم فراجعه إن شئت.
(وتبريء الأكمه) أي تشفي الأعمى المطموس البصر (والأبرص) هو معروف ظاهر (بإذني) لك وتسهيله عليك وتيسيره لك، وقد تقدم تفسير هذا مطولاً في آل عمران فلا نعيده (وإذ تخرج الموتى) من قبورهم أحياء فيكون ذلك آية لك عظيمة، قيل أخرج سام بن نوح ورجلين وامرأة وجارية، وتكرير (بإذني) هنا في المواضع الأربعة بعد أربع جمل للاعتناء بأن ذلك كله من جهة الله ليس لعيسى عليه السلام فيه فعل إلا مجرد امتثاله لأمر الله سبحانه، وقال في آل عمران (بإذن الله) مرتين لأن هناك أخبار فناسب الإيجاز، وهنا مقام تذكير بالمنعمة والامتنان فناسب الإسهاب.
(وإذ كففت) معناه دفعت وصرفت ومنعت (بني إسرائيل) أي اليهود (عنك) حين هموا بقتلك (إذ جئتهم بالبينات) أي المعجزات الواضحات والدلالات الباهرات التي وضع على يديه من إحياء الموتى وخلقه من الطين كهيئة الطير وإبراء الأسقام والخبر بكثير من الغيوب، ولا أتى عيسى بهذه الدلالات البينات قصد اليهود بقتله فخلصه الله منهم ورفعه إلى السماء.
(فقال الذين كفروا منهم) أي من اليهود (إن هذا إلا سحر مبين) أي ما هذا الذي جئت به إلا سحر بين، ولا عظم ذلك في صدورهم وابتهروا منه لم يقدروا على جحده بالكلية بل نسبوه إلى السحر.