للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن مجاهد قال: نزلت هذه الآية في الزنادقة قالوا إن الله لم يخلق الظلمة ولا الخنافس ولا العقارب ولا شيئاً قبيحاً، وإنما يخلق النور وكل شيء حسن فأنزلت فيهم هذه الآية وفيه أيضاً رد قول الثنوية بقدم النور والظلمة، وعن ابن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله خلق خلقه في ظلمة ثم ألقى عليهم من نوره فمن أصابه ذلك النور اهتدى ومن أخطأه ضل " (١) ذكره البغوي بغير سند.

(ثم الذين كفروا بربهم يعدلون) " ثم " لاستبعاد ما صنعه الكفار من كونهم بربهم يعدلون مع ما تبين من أن الله سبحانه حقيق بالحمد على خلقه السموات والأرض والظلمات والنور، قاله الزمخشري، فإن هذا يقتضي الإيمان به وصرف الثناء الحسن إليه لا الكفر به واتخاذ شريك له.

والباء متعلقة بيعدلون والتقديم للاهتمام ورعاية الفواصل وحذف المفعول لظهوره أي يعدلون به ما لا يقدر على شيء مما يقدر عليه، وهذا نهاية الحمق وغاية الرقاعة حيث يكون منه سبحانه وتعالى تلك النعم، ويكون من الكفرة الكفر.

قال علي: نزلت هذه الآية يعني الحمد لله إلى قوله يعدلون في أهل الكتاب، وقال قتادة: هم أهل الشرك وعن السدي مثله، وقال مجاهد: يعدلون أي يشركون وعن زيد قال: الآلهة التي عبدوها عدلوها بالله وليس لله عدل ولا ند، وليس معه آلهة ولا اتخذ صاحبة ولا ولداً، وأصل العدل مساواة الشيء بالشيء، وقال النضر بن شميل: الباء بمعنى عن أي عن ربهم ينحرفون من العدول عن الشيء.


(١) ابن كثير ٢/ ١٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>