لا يخرج عن هاتين الحالتين إما أن يدب على الأرض أو يطير في الهواء حتى ألحقوا حيوان الماء بالطير، لأن الحيتان تسبح في الماء كما أن الطير يسبح في الهواء، وذكر (بجناحية) لدفع الإبهام لأن العرب تستعمل الطيران لغير الطير كقولهم طر في حاجتي أي أسرع.
وقيل إن اعتدال الطائر بين الجناحين يعينه على الطيران ومع عدم الاعتدال يميل فأعلمنا سبحانه أن الطيران بالجناحين، وقيل ذكر الجناحين للتأكيد كضرب بيده وأبصر بعينيه ونحو ذلك، والجناح أحد ناحيتي الطير الذي يتمكن به من الطيران في الهواء وأصله الميل إلى ناحية من النواحي، والمعنى ما من دابة من الدواب التي تدب في أي مكان من أمكنة الأرض ولا طائر يطير في أي ناحية من نواحيها.
(إلا أمم أمثالكم) أي طوائف متخالفة وجماعات كل أمة منها مثلكم خلقهم الله كما خلقكم ورزقهم كما رزقكم، داخلة تحت علمه وتقديره وإحاطته بكل شيء وقيل أمثالكم في ذكر الله والدلالة عليه، وقيل أمثالكم في كونهم محشورين، روي ذلك عن أبي هريرة.
وقال سفيان ابن عيينة: أي ما من صنف من الدواب والطير إلا في الناس شبه منه فمنهم من يعدو كالأسد، ومنهم من يشره كالخنزير، ومنهم من يعوي كالكلب، ومنهم من يزهو كالطاووس، وقيل أمثالكم في أن لها أسماء تعرف بها قاله مجاهد، وقال الزجاج: أمثالكم في الخلق والرزق والموت والبعث والاقتصاص والأولى أن تحمل المماثلة على كل ما يمكن وجود شبه فيه كائناً ما كان.
وعن قتادة قال: الطير أمة والأنس أمة والجن أمة، وعن السدي قال: خلق أمثالكم وعن ابن جريج قال الذرة فما فوقها من ألوان ما خلق الله من