الدواب، ويدل على أن كل جنس من الدواب أمة ما روى عبد الله بن مغفل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:" لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها فاقتلوا منها كل أسود بهيم "، أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي (١).
(ما فرطنا) أي ما أغفلنا ولا أهملنا ولا ضيعنا (في الكتاب من) مزيدة لاستغراق (شيء) والجملة اعتراضية مقررة لمضمون ما قبلها، والمراد بالكتاب اللوح المحفوظ فإن الله أثبت فيه جميع الحوادث، وعلى هذا فالعموم ظاهر، وقيل المراد به القرآن أي ما تركنا في القرآن من شيء من أمر الدين إما تفصيلاً أو إجمالاً، ومثله قوله تعالى:(ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء) وقال: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم).
ومن جملة ما أجمله في الكتاب العزيز قوله:(وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) فأمر في هذه الآية باتباع ما سنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكل حكم سنه الرسول لأمته قد ذكره الله سبحانه في كتابه العزيز بهذه الآية وبنحو قوله تعالى:(قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني) وبقوله: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة).
(ثم إلى ربهم يحشرون) يعني الأمم المذكورة من الدواب والطير، وضميرها بصيغة جمع العقلاء لإجرائها مجراهم في وجوه المماثلة السابقة، وفيه دلالة على أنها تحشر كما يحشر بنو آدم وقد ذهب إلى هذا جمع من العلماء ومنهم أبو ذر وأبو هريرة والحسن وغيرهم، وذهب ابن عباس إلى أن حشرها موتها وبه قال الضحاك والأول أرجح للآية ولما صح في السنة المطهرة من أنه يقاد