بعضنا ببعض) وقيل استكثرتم من إغوائهم وإضلالهم حتى صاروا في حكم الأتباع لكم فحشرناهم معكم، ومثله قولهم استكثر الأمير من الجنود، والمراد التوبيخ والتقريع، وعلى الأول فالمراد بالاستمتاع التلذذ من الجن بطاعة الإنس لهم ودخولهم فيما يريدون منهم.
(وقال أولياؤهم من الإنس) لعل الاقتصار على حكاية كلام الضالين وهم الإنس دون المضلين وهم الجن للإيذان بأن المضلين قد أفحموا بالمرة فلم يقدروا على التكلم أصلاً.
(ربنا استمتع بعضنا ببعض) أما استمتاع الجن بالإنس فهو ما تقدم من تلذذهم باتباعهم لهم، وأما استمتاع الإنس بالجن فحيث قبلوا منهم تحسين المعاصي فوقعوا فيها وتلذذوا بها، فذلك هو استلذاذهم بالجن.
وقيل استمتاع الإنس بالجن أنه كان إذا مر الرجل بواد في سفره وخاف على نفسه قال: أعوذ برب هذا الوادي من جميع ما أحذر، يعني ربه من الجن، ومنه قوله تعالى:(وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً) وقيل استمتاع الجن بالإنس أنهم كانوا يصدقونهم فيما يقولون من الأخبار الغيبية الباطلة، واستمتاع الإنس بالجن أنهم كانوا يتلذذون بما يلقونه إليهم من الأكاذيب والأراجيف والسحر وينالون بذلك شيئاً من حظوظ الدنيا كالكهان.
(وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا) أي يوم القيامة اعترافاً منهم بالوصول إلى ما وعدهم الله به مما كانوا يكذبون به، قال الحسن والسدي: الأجل الموت، وقيل هو وقت البعث والحساب يوم القيامة، وهذا تحسر منهم على حالهم أي أن ذلك الاستمتاع كان إلى أجل معين محدود، ثم ذهب وبقيت الحسرة والندامة.
ولما قالوا هذه المقالة أجاب الله عليهم و (قال النار مثواكم) أي موضع مقركم ومقامكم، والمثوى المقام، والجملة مستأنفة جواب سؤال مقدر (خالدين فيها) أي مقيمين في نار جهنم أبداً (إلا ما شاء الله) المعنى الذي تقتضيه لغة