إلا الجمع بين الإيمان من قبل مجيء بعض الآيات مع كسب الخير في الإيمان، فمن آمن من قبل فقط ولم يكسب خيراً في إيمانه أو كسب خيراً ولم يؤمن فإن ذلك غير نافع.
قال السدى: يقول كسبت في تصديقها عملاً صالحاً فهؤلاء أهل القبلة، وإن كانت مصدقة لم تعمل قبل ذلك خيراً فعملت بعد أن رأت الآية لم يقبل منها وإن عملت قبل الآية خيراً ثم عملت بعد الآية خيراً قبل منها، وقال مقاتل: يعني المسلم الذي يعمل في إيمانه خيراً وكان قبل الآية مقيماً على الكبائر.
أقول ووجه الإشكال في هذه الآية الكريمة هو أن عدم الإيمان السابق يستلزم عدم كسب الخير فيه بلا شك ولا شبهة إذ لا خير لمن لا إيمان له، فيكون على هذا ذكره تكراراً إن كان حرف التخيير على بابه من دون تأويل، وأيضاً عدم الإيمان مستقل في إيجابه للخلود في النار فيكون ذكر عدم الثاني لغواً، وكذلك وجود الإيمان مع كسب الخير فيه مستقل في إيجابه للخلوص عن النار وعدم الخلود فيها فيكون ذكر الأول أعني الإيمان بمجرده لغواً.
فهذا وجه الإشكال في الآية باعتبار حرف التخيير المقتضى لكفاية أحد الأمرين على إنفراده وقد ذكروا في التخلص عن هذا الإشكال وجوها.
أحدها: أنه يتحقق النفع بأيهما كان، ولا يخفاك أن هذا تدفعه الأدلة الواردة بعدم الانتفاع بالإيمان من دون عمل.
والوجه الثاني: أنه لا ينفع إلا تحقق الأمرين جميعاً الإيمان وكسب الخير فيه، وهذا أيضاً يدفعه المعنى العربي والإعرابي فإنه لو كان هو المراد لقال: لم تكن آمنت من قبل وكسبت في إيمانها خيراً.
الوجه الثالث: أن ذكر الشق الثاني من شقي الترديد لقصد بيان النفع