الزائد وتحرّي الأفضل والأكمل، وهذا أيضاً فيه خروج عما يوجبه معنى الترديد الذي يقتضيه حرفه الموضوع له.
الوجه الرابع: أن يراد الكلام مردداً على هذه الصفة المقصود به التعريض بحال الكفار المفرطين في الأمرين جميعاً، وهذا أيضاً خروج عن مقصود الآية بتأويل بعيد جداً لم يدل عليه دليل.
الوجه الخامس: أن الآية من باب اللف التقديري أي لا ينفع نفساً إيمانها ولا كسبها في الإيمان لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً. ورد بأن معنى اللف التقديري على أن يكون المقدر من مهمات الكلام ومقتضيات المقام فترك ذكره تعويلاً على دلالة الملفوظ عليه واقتضائه إياه، وليس هذا من ذاك.
الوجه السادس: أنهما معاً شرطان في النفع وأن العدول إلى هذه العبارة لقصد المبالغة في شأن كل واحد منهما بأنه صالح للاستقلال بالنفع في الجملة، ولا يخفي أن هذا مجرد دعوى لا دليل عليها، وإخراج للترديد عن مفاده الذي تقتضيه لغة.
الوجه السابع: أن ظاهر الآية المقتضى لمجرد نفع الإيمان يعارض بالأدلة الصحيحة الثابتة كتاباً وسنة أنه لا ينفع الإيمان إلا مع العمل وهذا هو الوجه القوي، والتقرير السوي، والاستدلال الواضح، والترجيح الراجح لسلامته عن التكلفات والتعسفات في معنى الآية وعن الإهمال لما فيها من الترديد الواضح بين شِقَّي الإيمان المجرد والإيمان مع العمل.
ولا ينافي هذا ما ورد من الأدلة على نفع الإيمان المجرد فإنها مقيدة بالأدلة الدالة على وجوب العمل بما شرعه الله لعباده من أصول الشرائع وفروعها، فاشدد يديك على هذا ولا تلتفت إلى ما وقع من التدقيقات الزائفة والدعاوي الداحضة، فإن ذلك لا حامل عليه ولا موجب له إلا المحاماة على المذهب