وتقويمها، وجعل نصوص الله سبحانه تابعة لها، وتأويل ما خالفها حتى كأنها هي الشريعة المحكمة التي يرد إليها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
ومن العجب أن محققي المفسرين وكبارهم مع ما في هذه الآية الكريمة من الإشكال المقتضى لتوسيع دائرة المقال اكتفوا في الكلام عليها بالنزر الحقير والبحث اليسير، حتى إن الرازي مع تطويله للمباحث في غالب تفسيره، اقتصر في تفسيره على قوله. والمعنى أن أشراط الساعة إذا ظهرت ذهب أوان التكليف فلم ينفع الإيمان نفساً ما آمنت وما كسبت في إيمانها خيراً قبل ذلك انتهى بحروفه.
فانظر هذا الذي اقتصر عليه واجعله موعظة لك فإنه إنما يكون تفسير الآية لو كانت هكذا: لم تكن آمنت من قبل وكسبت في إيمانها خيراً، من دون حرف التخيير، وهكذا الزمخشري قبله فإنه اقتصر في تفسير الآية على ما لا يسمن ولا يغني من جوع، وفي هذا المقدار كفاية لمن له هداية والله ولي التوفيق.
(قل) أمره الله سبحانه أن يقول لهم (انتظروا) ما تريدون إتيانه وما وعدتم به من مجيء الآيات، وهذا أمر تهديد على حد (اعملوا ما شئتم) وذلك أنهم لا ينتظرون ما ذكر لإنكارهم للبعث وما بعده (إنا منتظرون) وهو يقوي ما قيل في تفسير (يوم يأتي بعض آيات ربك) إنها الآيات التي اقترحوها من إتيان الملائكة أو إتيان العذاب لهم من قبل كما تقدم بيانه.
قال بعض المفسرين: وهذا إنما ينتظره من تأخر في الوجود من المشركين المكذبين بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى ذلك الوقت، والمراد بهذا أن المشركين إنما يمهلون قدر مدة الدنيا فإذا ماتوا أو ظهرت الآيات لم ينفعهم الإيمان وحلت بهم العقوبة اللازمة أبداً، وقيل المراد بهذه الآية الكف عن القتال فتكون الآية منسوخة بآية القتال. وعلى القول الأول تكون محمكة.