المتقدمة فإن المحو والإثبات عامان يتناولان العمر والرزق والسعادة والشقاوة وغير ذلك وقد ثبت عن جماعة من السلف والصحابة ومن بعدهم أنهم كانوا يقولون في أدعيتهم اللهم إن كنت كتبتني في أهل السعادة فأثبتني منهم، وإن كنت كتبتني من أهل الشقاوة فأمحني وأثبتني في أهل السعادة، ولم يأت القائلون بمنع زيادة العمر ونقصانه ونحو ذلك بما يخصص هذا العموم.
وهكذا يدل على هذا المعنى الآية الثانية فإن معناها أنه لا يطول عمر الإنسان ولا ينقص إلا وهو في كتاب أي في اللوح المحفوظ، وهكذا يدل قوله تعالى (ثم قضى أجلاً وأجل مسمى عنده) أن للإنسان أجلين يقضي الله سبحانه بما يشاء منهما من زيادة أو نقص.
ويدل على ذلك أيضاً ما في الصحيحين وغيرهما عن جماعة من الصحابة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن صلة الرحم تزيد في العمر، وفي لفظ في الصحيحين:" من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه "(١) وفي لفظ " من أحب أن يمد الله في عمره وأجله ويبسط له في رزقه فليتق الله وليصل رحمه "(١). وفي لفظ صلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمرن الديار ويزدن في الأعمار.
ومن أعظم الأدلة ما ورد في الكتاب العزيز من الأمر للعباد بالدعاء كقوله عز وجل (أدعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) وقوله (أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) وقوله (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) وقوله (واسألوا الله من فضله) والأحاديث المشتملة على الأمر بالدعاء متواترة وفيها أن الدعاء يدفع البلاء ويرد القضاء كما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح أنه قال " اللهم إني أعوذ بك من سوء القضاء ودرك الشقاء وجهد البلاء