للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وشماتة الأعداء " (١).

وثبت في حديث قنوت الموتر أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: " وقني شر ما قضيت " (٢)، فلو كان الدعاء لا يفيد شيئاً وأنه ليس للإنسان إلا ما قد سبق في القضاء الأزلي لكان أمره عز وجل لغواً لا فائدة فيه، وكذلك وعده بالإجابة للعباد الداعين له، وهكذا يكون ما ثبت في الأحاديث المتواترة المشتملة على الأمر بالدعاء وأنه عبادة لغواً لا فائدة فيه.

وهكذا يكون إستعاذته صلى الله عليه وسلم من سوء القضاء لغواً لا فائدة فيه، وهكذا يكون قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " وقني شر ما قضيت " (٢) لغواً لا فائدة فيه. وهكذا يكون أمره صلى الله عليه وآله وسلم بالتداوي وأن الله سبحانه ما أنزل من داء إلا وجعل له دواء لغواً لا فائدة فيه مع ثبوت الأمر بالتداوي في الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم -. فإن قلت فعلام يحمل ما تقدم من الآيات القاضية بأن الأجل لا يتقدم ولا يتأخر.

قلت قد أجاب عن ذلك بعض السلف وتبعه بعض الخلف بأن هذه الآية مختصة بالأجل إذا حضر فإنه لا يتقدم ولا يتأخر عند حضوره، ويؤيد هذا أنها مقيدة بذلك فإنه قال (إذا جاء أجلهم) ومثل هذا التقييد المذكور في هذه الآية قوله عز وجل (ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها) وقوله سبحانه (إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر).

فقد أمكن الجمع بحمل هذه الآيات على هذا المعنى، فإذا حضر الأجل لم يتأخر ولا يتقدم، وفي غير هذه الحالة يجوز أن يؤخره الله بالدعاء أو بصلة الرحم أو بفعل الخير، ويجوز أن يقدمه لمن عمل شراً أو قطع ما أمر الله به أن


(١) مسلم ٢٧٠٧ - البخاري ٢٤٠١.
(٢) أبو داود كتاب الوتر باب ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>