قريب وأنه يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، وأنكر عليهم أن يعتقدوا أن غيره يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف ما نزل به من السوء، وأمرهم أن يسألوه من فضله ويطلبوا ما عنده من الخير.
أن كل ذلك لا فائدة فيه للعبد وأنه لا ينال إلا ما قد جرى به القضاء وسبق به العلم، فقد نسبوا إلى الرب عز وجل ما لا يجوز عليه ولا تحل نسبته إليه، فإنه لا يأمر العبد إلا بما فيه فائدة يعتد بها ولا يرغبه إلا فيما يحصل له به الخير ولا يرهبه إلا عما يكون به عليه الضير ولا يعده إلا بما هو حق يترتب عليه فائدة فهو صادق الوعد لا يخلف الميعاد ولا يأمرهم بسؤاله من فضله إلا وهناك فائدة تحصل بالدعاء ويكون سببه التفضل عليهم ورفع ما هم فيه من الضر وكشف ما حل بهم من السوء.
هذا معلوم لا يشك فيه، إلا من لا يعقل حجج الله ولا يفهم كلامه ولا يدري بخير ولا شر، ولا نفع ولا ضر.
ومن بلغ به الجهل إلى هذه الغاية فهو حقيق بأن لا يخاطب، وقمين بأن لا يناظر، فإن هذا المسكين المنخبط في جهله المتقلب في ضلاله قد وقع فيما هو أعظم خطراً من هذا وأكثر ضرراً منه، وذلك بأن يقال له إذا كان دعاء الكفار إلى الإسلام ومقاتلتهم على الكفر وغزوهم إلى مقر ديارهم لا يأتي بفائدة ولا يعود على القائمين به من الرسل وأتباعهم وسائر المجاهدين من العباد بفائدة، وأنه ليس هناك إلا ما قد سبق من علم الله عز وجل وأنه سيدخل في الإسلام ويهتدي إلى الدين من قد علم سبحانه منه ذلك سواء قوتل أو لم يقاتل وسواء دعى إلى الحق أو لم يدع إليه.
كانا هذا القتال الصادر من رسل الله وأتباعهم ضائعاً ليس فيه إلا تحصيل الحاصل وتكوين ما هو كائن فعلوا أو تركوا وحينئذ يكون الأمر بذلك