للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وباءوا) رجعوا يقال باء بكذا أي رجع والمراد أنهم رجعوا (بغضب من الله) أو صاروا أحقاء بغضبه، وقال أبو عبيدة والزجاج احتملوه وقيل أقروا به وقيل استحقوه وقيل لازموه، وهو الأوجه يقال بوأته منزلاً فتبوأ أي ألزمته فلزمه (ذلك) أي ما تقدم من ضرب الذلة وما بعده.

(بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق) أي بسبب كفرهم بالله وقتلهم الأنبياء بغير حق يحق عليهم اتباعه والعمل به ولم يخرج هذا مخرج التقييد حتى يقال أنه لا يكون قتل الأنبياء بحق في حال من الأحوال لمكان العصمة، بل المراد نعي هذا الأمر عليهم وتعظيمه وأنه ظلم بحت في نفس الأمر، وممكن أن يقال أنه ليس بحق في اعتقادهم الباطل لأن الأنبياء لم يعارضوهم في مال ولا جاه بل أرشدوهم إلى مصالح الدين والدنيا كما كان من شعيا وزكريا ويحيى فإنهم قتلوهم وهم يعلمون ويعتقدون أنهم ظالمون وإنما حملهم على ذلك حب الدنيا واتباع الهوى، عن ابن مسعود قال كانت بنو إسرائيل في اليوم تقتل ثلثمائة نبي ثم يقيمون سوق بقلهم في آخر النهار.

(ذلك) تكرير الإشارة لقصد التأكيد وتعظيم الأمر عليهم وتهويله، ومجموع ما بعد الإشارة الأولى والإشارة الثانية هو السبب لضرب الذلة وما بعده، وقيل يجوز أن يكون الإشارة الثانية إلى الكفر والقتل فيكون ما بعدها سبباً للسبب قاله الزمخشري وهو بعيد جداً (بما عصوا) أمري (وكانوا يعتدون) الاعتداء تجاوز الحد في كل شيء أي يتجاوزون أمري ويرتكبون محارمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>