للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هؤلاء كالمتبعين لملة إبراهيم إمام الحنفاء قبل نزول التوراة والإنجيل، وهذا بخلاف المجوس والمشركين فإنه ليس فيهم مؤمن، فلهذا قال تعالى (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شي شهيد) فذكر الملل الست هؤلاء، وأخبر أنه يفصل بينهم يوم القيامة لم يذكر في الست من كان مؤمناً، وإنما ذكر ذلك في الأربعة فقط، ثم إن الصابئين ابتدعوا الشرك فصاروا مشركين، والفلاسفة المشركون من هؤلاء المشركين.

وأما قدماء الفلاسفة الذين كانوا يعبدون الله وحده لا يشركون به شيئاً ويؤمنون بأن الله محدث لهذا العالم ويقرون بمعاد الأبدان، فأولئك من الصابئة الحنفاء الذين أثنى الله عليهم، ثم المشركون من الصابئة كانوا يقرون بحدوث هذا العالم كما كان المشركون من العرب يقرون بحدوثه، وكذلك المشركون من الهند، وقد ذكر أهل المقالات أن أول من ظهر عنه القول بقدمه من هؤلاء الفلاسفة المشركين هو أرسطو، انتهى المقصود منه.

(من آمن بالله واليوم الآخر) في زمن نبينا (وعمل صالحاً) بشريعته (فلهم أجرهم) أي ثواب أعمالهم، والأجر في الاصل مصدر يقال أجره الله يأجره أجراً، وقد يعبر به عن نفس الشيء المجازى به، والآية الكريمة تحتمل المعنيين.

(عند ربهم) " عند " ظرف مكان لازم للإضافة لفظاً ومعنى أي لهم أجرهم ثابتاً عند ربهم.

وقد تقدم تفسير قوله تعالى: (ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) أي في الآخرة حين يخاف الكفار من العذاب ويحزن المقصرون على تضييع العمر، وتفويت الثواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>