للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد جاء بحمد لله كنزاً مدفوناً من جواهر الفوائد، وبحراً مشحوناً بنفائس الفرائد، في لطائف طالما كانت مخزونة، وعن الإضافة مصونة، بتقارير ترتاح لها نفوس المحصلين الكاملين وتنزاح منها شُبه المبطلين، وتحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وتضحَى أنوارها في قلوب السعداء وتطلع نيرانها على أفئدة الأعداء لا يعقل بيناتها إلا العالمون، ولا يجحد بآياتها إلا القوم الظالمون وسميته: (فتح البيان في مقاصد القرآن) وهو اسم له تاريخي، مستمداً من الله سبحانه بلوغ الغاية، والوصول بعد هذه البداية إلى النهاية، راجياً منه جل جلاله أن يديم به الانتفاع، ويجعله من الذخائر التي ليس لها انقطاع، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

اعلم أن الأحاديث في فضائل القرآن كثيرة جداً ولا يتم لصاحب القرآن ما يطلبه من الأجر الموعود به في الأحاديث الصحيحة حتى يفهم معانيه، فإن ذلك هو الثمرة من قراءته.

قال القرطبي (١) ينبغي له أن يتعلم أحكام القرآن فيفهم عن الله مراده وما فرض عليه فينتفع بما يقرأ ويعمل بما يتلو، فما أقبح بحامل القرآن أن يتلو فرائضه وأحكامه عن ظهر قلب وهو لا يفهم معنى ما يتلوه، فكيف يعمل بما لا يفهم معناه، وما أقبح به أن يسأل عن فقه ما يتلوه ولا يدريه، فما مثل من هذه حالته إلا كمثل الحمار يحمل أسفاراً.

وينبغي له أن يعرف المكي من المدني، ليفرق بين ما خاطب الله به عباده في أول الإسلام، وما ندبهم إليه في آخره وما فرض في أول الإسلام، وما زاد عليهم من الفرائض في آخره، فالمدني هو الناسخ للمكي في أكثر القرآن انتهى.

وقد جمعت في بيان ناسخ القرآن والحديث ومنسوخهما مؤلفاً سميته إفادة الشيوخ بمقدار الناسخ والمنسوخ، وهو بالفارسية.

وأجاب الشوكاني رحمه الله تعالى عمن سأله عن العوام والنساء الذين


(١) راجع تفسير القرطبي ٣٢ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>