وعن ابن عباس: أنها مساجد اليهود، والكنائس جمع كنيسة وهي لأهل الكتابين.
ثم اعلم أنه لا يحل تكليفهم بما لا يقدرون عليه ولا حبسهم ولا تعذيبهم على أداء الجزية ولا ضربهم لما أخرج أبو عبيد أن هشام بن حكيم مر على قوم يعذبون في الجزية بفلسطين فقال هشام: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " إن الله يعذب يوم القيامة الذين يعذبون الناس في الدنيا "(١)، وعن عياض بن غنم مثله رواه الزهري عن عروة بن الزبير.
وقد أخرج عن جبير بن نفير عن أبيه أنه أتى عمر بن الخطاب بمال كثير أحسبه قال: الجزية فقال: إني لأظنكم قد أهلكتم الناس، قالوا: لا والله ما أخذنا إلا عفواً، قال: بلا سوط ولا نوط قالوا: نعم، قال: الحمد لله الذي لم يجعل ذلك على يدي ولا في سلطاني.
وعن علي بن أبي طالب أنه استعمل رجلاً على عكبرى فقال له: لا تبيعن لهم في خراجهم حماراً ولا بقرة ولا كسوة شيئاً ولا صنفاً وارفق بهم، وكان رضي الله عنه يأخذ من صاحب الإبر إبراً، ومن صاحب الحبال حبالاً ونحوه من الأمتعة.
قال أبو عبيد إنما كان يأخذ منهم هذه الأمتعة بقيمتها من الدراهم التي كانت عليهم من جزية رؤوسهم، ولا يحملهم على بيعها إرادة الرفق بهم والتخفيف عليهم ولهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذاً بأخذ معافر عدلاً عن الدينار، وإنما يراد بهذا كله الرفق بأهل الذمة لا يباع عليهم من متاعهم شيء، ولكن يؤخذ مما سهل عليهم في القيمة، والكلام في الجزية مقرر في مواطنه، والحق أن هذه الأقوال ما قد قرره الشوكاني في شرحه للمنتقى وفي غيره من مؤلفاته، وفي الباب كتاب إفادة الأمة في أحكام أهل الذمة للسيد محمد بن إسماعيل الأمير اليمني وهو حافل جداً.