ما أخرجه عبد الله بن أحمد عن عبد الرحمن بن غنم قال: كتبت لعمر بن الخطاب حين صالح نصارى الشام وشرط عليهم فيه.
أن لا يحدثوا في مدينتهم ولا فيما حولها ديراً ولا كنيسة ولا قلابة ولا صومعة راهب ولا يجددوا ما خرب، ولا يمنعوا كنائسهم أن ينزلها أحد من المسلمين ثلاث ليال يطعمونه، ولا يؤووا جاسوساً ولا يكتموا غشاً للمسلمين، ولا يعلموا أولادهم القرآن ولا يظهروا شركاً ولا يمنعوا ذوي قراباتهم الإسلام إن أرادوه وأن يوقروا المسلمين وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس، ولا يتشبهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم، ولا يتكنوا بكناهم ولا يركبوا سرجاً ولا يتقلدوا سيفاً ولا يبيعوا الخمور، وإن يخروا مقادم راويتهم وأن يلزموا زيهم حيثما كانوا، وأن يشدوا على أوساطهم ولا يظهروا صليباً ولا شيئاً من كتبهم في شيء من طرفي المسلمين، ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم ولا يضربوا بالناقوس إلا ضرباً خفيفاً ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة المسلمين، ولا يخرجوا شعابين ولا يرفعوا مع موتاهم أصواتهم ولا يظهروا النيران معهم، ولا يشتروا من الرقيق ما جرت فيه سهام المسلمين، فإن خالفوا في شيء مما شرطوه فلا ذمة لهم وقد حل للمسلمين ما يحل من ذوي المعاندة والشقاق.
قال الحافظ ابن القيم: وشهرة هذه الشروط تغني عن إسنادها، فإن الأئمة تلقوها بالقبول، وذكروها في كتبهم واحتجوا بها، ولم يزل ذكر الشروط العمرية على ألسنتهم وفي كتبهم، وقد أنفذها بعده الخلفاء وعملوا بموجبها. انتهى.
قلت: الدير للنصارى خاصة يبنونه للرهبان خارج البلد يجتمعون فيه للرهبانية وينفردون عن الناس، وأما القلابة بقاف مكسورة وباء موحدة فيبنيها رهبانهم مرتفعة كالمنارة والفرق بينها وبين الدير أن الدير يجتمعون فيه، والقلابة لا تكون إلا لواحد ينفرد بها بنفسه ولا يكون لها باب بل فيها طاقة يتناول منها شرابه وطعامه وما يحتاج إليه، وأما الصومعة فهي كالقلابة تكون للراهب وحده، والبيع جمع بيعة وهي متعبد النصارى.