وسلم ليؤلفوا أتباعهم على الإسلام، وقد أعطى النبي صلى الله عليه وآله وسلم جماعة ممن أسلم ظاهراً كأبي سفيان بن حرب والحرث بن هشام وسهيل ابن عمرو، وحويطب بن عبد العزى، أعطى كل واحد منهم مائة من الإبل يؤلفهم بذلك وأعطى آخرين دونهم.
وقد اختلف العلماء هل سهم المؤلفة قلوبهم باق بعد ظهور الإسلام أم لا فقال عمر والحسن والشعبي: قد انقطع هذا الصنف بعزة الإسلام وظهوره، وهذا مشهور من مذهب مالك وأصحاب الرأي، وقد ادعى بعض الحنفية أن الصحابة أجمعت على ذلك وقد صار إليه الروياني وجماعة، وقال جماعة من العلماء منهم الشافعي وهو الموافق لظاهر الآية أن سهمهم باق لأن الإمام ربما احتاج أن يؤلف على الإسلام، وإنما قطعهم عمر لما رأى من إعزاز الدين، وبه أفتى الماوردي في كتابه الأحكام السلطانية، قال يونس: سألت الزهري عنهم فقال: لا أعلم نسخ ذلك وعلى القول الأول يرجع سهمهم لسائر الأصناف.
ومن المؤلفة قلوبهم كفار يخاف شرهم بحيث لو أعطوا لانكف شرهم وهذا لا يعطى من زكاة ولا من غيرها باتفاق ومنهم من يذب عن المسلمين ومنهم من يقاتل من يليهم ويجاورهم من مانعي الزكاة ويقبض زكاتهم، فتلخص أن المؤلفة أقسام، وفي هذه الأقسام أقوال ذكرها في الجمل.
(وفي الرقاب) أي مصروفة في فكها بأن يشتري رقاباً ثم يعتقها، روي ذلك عن ابن عباس وابن عمر، وبه قال مالك وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبو عبيد وقال الحسن البصري ومقاتل بن حيان وعمر بن عبد العزيز وسعيد بن جبير والنخعي والزهري وابن زيد: إنهم المكاتبون يعانون من الصدقة على مال الكتابة وهو قول الشافعي وأكثر الفقهاء وأصحاب الرأي، ورواية عن مالك، وبه قال سعيد بن جبير والضحاك والزهري والليث.
ويدل عليه أيضاً قوله تعالى:(وآتوهم من مال الله الذي آتاكم)