قال السهيلي نور الله مرقده: في الآية من الفقه صحة ما اتفق عليه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين مع عمر رضي الله تعالى عنه حين شاورهم في التاريخ، فاتفق رأيهم على أن يكون من عام الهجرة لأنه الوقت الذي عز فيه الإسلام، والحين الذي أمن فيه النبي صلى الله عليه وسلم وبنيت المساجد وعُبد الله كما يحب، فوافق رأيهم هذا ظاهر التنزيل.
وفهمنا الآن بفعلهم أن قوله تعالى (من أول يوم) أن ذلك اليوم هو أول أيام التاريخ الذي يؤرخ به الآن، فإن كان الصحابة رضوان الله عليهم أخذوه من هذه الآية فهو الظن بهم لأنهم أعلم الناس بتأويل كتاب الله وأفهمهم بما في القرآن من الإشارات.
وإن كان ذلك على رأي واجتهاد فقد علمه الله وأشار إلى صحته قبل أن يفعل إذ لا يعقل قول القائل فعلته أول يوم إلا بالإضافة إلى عام معلوم أو شهر معلوم أو تاريخ معلوم. وليس هاهنا إضافة في المعنى إلا إلى هذا التاريخ المعلوم لعدم القرائن الدالة على غيره من قرينه لفظ أو حال، فتدبره ففيه معتبر لمن ادّكر وعلم لمن رأى بعين فؤاد واستبصر.
(أحق أن تقوم فيه) مصلياً وأفعل التفضيل على غير بابه أو المفاضلة باعتبار زعمهم أو بالنظر له في ذاته، فإن المحظور قصدهم ونيتهم، والمعنى لو كان القيام في غيره جائزاً لكان هذا أولى بقيامك فيه للصلاة ولذكر الله لكونه أسس على التقوى من أول يوم ولكونه (فيه رجال يحبون أن يتطهروا) هذه الجملة، مستأنفة لبيان أحقية قيامه صلى الله عليه وسلم فيه أي كما أن هذا المسجد أولى من جهة المحل، فهو أولى من جهة الحال فيه، ومعنى محبتهم للتطهر أنهم يؤثرونه ويحرصون عليه عند عروض موجبه، يعني من الأحداث