ْثم بين هذه المقاتلة بقوله:(فيقتلون) أعداء الله (وُيقتلون) في طاعته والمراد أنهم يقدمون على قتل الكفار في الحرب ويبذلون أنفسهم في ذلك، فإن فعلوا فقد استحقوا الجنة، وإن لم يقع القتل عليهم بعد الإبلاء في الجهاد والتعرض للموت بالإقدام على الكفار، وتقديم حالة القاتلية على حالة المقتولية للإيذان بعدم الفرق بينهما في كونهما مصداقاً لكون القتال بذلاً للنفس.
وفي قراءة بتقديم المبنى للمفعول رعاية لكون الشهادة عريقة في الباب، وإيذاناً بعدم مبالاتهم بالموت في سبيل الله بل بكونه أحب إليهم من السلامة أي فيقتل بعضهم، ويقاتل الباقي يعني لا يشترط اجتماع الأمرين في الشخص الواحد بل يتحقق الفضل العظيم وإن لم يوجد واحد من الوصفين كما إذا وجدت المضاربة من غير قتل بل يتحقق الجهاد بمجرد العزم وتكثير السواد.
(وعداً عليه حقاً) مصدران منصوبان بفعلهما المحذوف أي وعدهم وعداً وحق ذلك الوعد حقاً أي تحقق وثبت إخبار من الله سبحانه بأن فريضة الجهاد واستحقاق الجنة بها قد ثبت الوعد بها من الله.
(في التوراة والإنجيل والقرآن) أي كما وقع والقرآن وفيه وجهان (أحدهما) أنه متعلق باشترى وعلى هذا ففيه دليل على أن الأمر بالجهاد موجود في جميع الشرائع ومكتوب على جميع أهل الملل وكل أمة وعدت عليه بالجنة (والثاني) أنه متعلق بمحذوف والمعنى وعداً مذكوراً كائناً في التوراة وعلى هذا فيكون الوعد بالجنة لهذه الأمة مذكوراً في كتب الله المنزلة.
(ومن أوفى بعهده من الله) في هذا من تأكيد الترغيب للمجاهدين في الجهاد والتنشيط لهم على بذل الأنفس والأموال ما لا يخفى، فإنه أولاً أخبر بأنه قد اشترى منهم أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة وجاء بهذه العبارة الفخيمة وهي كون الجنة قد صارت ملكاً لهم، ثم أخبر ثانياً بأنه قد وعد بذلك في كتبه