للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جرير الطبري: الضمير في منه عائد إلى الكتاب أي ما يكون من كتاب الله من قرآن وأعاده تفخيماً له كقوله (إني أنا الله) وقيل ما تتلو من الله من قرآن نازل عليك، فمن الثانية زائدة والأولى إما تعليلية أو ابتدائية بحسب الوجهين المتقدمين.

والخطاب في (ولا تعملون من عمل) لرسول الله وللأمة، وقيل الخطاب لكفار قريش (إلا كنا عليكم شهوداً) استثناء مفرغ من أعم الأحوال للمخاطبين بالأفعال الثلاثة أي ما تلابسون بشيء منها في حال من الأحوال إلا في حال كوننا رقباء مطلعين عليه حافظين له، يقال شهدت على الشيء اطلعت عليه فأنا شاهد وشهيد، والجمع أشهاد وشهود.

والضمير في (إذ تفيضون فيه) عائد إلى العمل يقال أفاض فلان في الحديث والعمل إذا اندفع فيه، وقال الضحاك الضمير في (فيه) عائد إلى القرآن والمعنى إذ تشيعون في القرآن الكذب، والإفاضة الدخول في العمل على جهة الانتصاب إليه والانبساط فيه.

قال ابن الأنباري: إذ تدفعون فيه وتبسطون في ذكره، وقيل الإفاضة الدفع بكثرة، وقال الزجاج: تنشرون فيه، وقيل تخوضون فيه، وقيل تأخذون أي تشرعون فيه والمعاني متقاربة.

(وما يعزب) أي يغيب ويخفى، وقيل يبعد، وقال ابن كيسان: يذهب، وهذه المعاني متقاربة، قرئ بضم الزاي وبكسرها سبعيتان وهما لغتان فصيحتان (عن ربك) أي عن علمه، ومن في (من مثقال ذرة) زائدة للتأكيد أي وزن ذرة أي نملة حمراء وهي خفيفة الوزن جداً (في الأرض ولا في السماء) أي في دائرة الوجود والإمكان، وإنما عبر عنها بهما مع أنه سبحانه لا يغيب عنه شيء لا فيهما ولا فيما هو خارج عنهما لأن الناس لا يشاهدون سواهما وسوى ما فيهما من المخلوقات؛ وقدم الأرض على السماء لأنها محل استقرار العالم، فهم يشاهدون ما فيها من قرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>