والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أغرق الله فرعون فقال: آمنت. الآية. قال جبريل: يا محمد لو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسه في فيه مخافة أن تدركه الرحمة "(١) والمعنى دس جبريل في فيه بأمر الله فلا اعتراض عليه.
وقد روى هذا الحديث الترمذي من غير وجه وقال صحيح حسن غريب، وصححه أيضا الحاكم عن ابن عباس من طرق أخرى وإسناده على شرط البخاري، وليس في رواتهما متهم وإن كان فيهم من هو سيء الحفظ فقد تابعه عليه غيره. وقد أطال الخازن في جواب ما اعترض به الرازي وأشكله في هذا الحديث بما يطول ذكره.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال لي جبريل: ما كان على الأرض -يعني أبغض إليّ- من فرعون فلما آمن جعلت أحشو فاه حمأة وأنا أعطه خشية أن تدركه الرحمة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر مرفوعاً نحوه، وأبو الشيخ عن أبي أمامة نحوه أيضاً، وفي إسناد حديث أبي هريرة رجل مجهول وباقي رجاله ثقات. والعجب كل العجب ممن لا علم له بفن الرواية من المفسرين، ولا يكاد يميز بين أصح الصحيح من الحديث وأكذب الكذب منه، كيف يتجارى على الكلام في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، والحكم ببطلان ما صح منها؛ ويرسل لسانه وقلمه بالجهل البحت، والقصور الفاضح الذي يضحك منه كل من له أدنى ممارسة بفن الحديث. فيا مسكين ما لك ولهذا الشأن الذي لست فيه في شيء، ألا تستر نفسك وتربع على ضلعك وتعرف بأنك بهذا العلم من أجهل الجاهلين، وتشتغل بما هو علمك الذي لا تجاوزه وحاصلك الذي ليس لك غيره، وهو علم اللغة وتوابعه من العلوم الآلية.