ولقد صار صاحب الكشاف عفا الله عنه بسبب ما يتعرض له في تفسيره من علم الحديث الذي ليس هو منه في ورد ولا صدر سخرة للساخرين، وعبرة للمعتبرين، فتارة يروي في كتابه الموضوعات وهو لا يدري أنه منها، وتارة يتعرض لرد ما صح ويجزم بأنه من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم والبهت عليه، وقد يكون في الصحيحين وغيرهما مما يلتحق بهما من رواية جماعة من الصحابة بأسانيد كلها أئمة ثقات حجج إثبات.
وأدنى نصيب من عقل يحجر صاحبه عن التكلم في علم لا يعلمه ولا يدري به أقل دراية، وإن كان ذلك العلم من علوم الاصطلاح التي يتواضع عليها طائفة من الناس، ويصطلحون على أمور فيما بينهم، فما بالك بعلم السنة الذي هو قسم كتاب الله، وقائله رسول الله صلى الله عليه وسلم وراويه عنه خير القرون ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، وكل حرف من حروفه وكلمة من كلماته يثبت بها شرع عام لجميع أهل الإسلام.