حتى خشي على نفسه القتل أنه لا إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن بالإيمان، ولا تبين منه زوجته ولا يحكم عليه بحكم الكفر.
وحكى عن محمد بن الحسن أنه إذا أظهر الكفر كان مرتداً في الظاهر وفيما بينه وبين الله على الإسلام وتبين منه امرأته ولا يصلى عليه إن مات ولا يرث أباه إن مات مسلماً، وهذا القول مردود على قائله مدفوع بالكتاب والسنة.
وذهب الحسن البصري والأوزاعي والشافعي وسحنون إلى أن هذه الرخصة إنما جاءت في القول وأما في الفعل فلا رخصة مثل أن يكره على السجود لغير الله، ويدفعه ظاهر الآية فإنها عامة فيمن أكره من غير فرق بين القول والفعل كما تقدم، والمعنى إلا من كفر بإكراه والحال أن قلبه مطمئن بالإيمان لم تتغير عقيدته.
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال: لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهاجر إلى المدينة قال لأصحابه: " تفرقوا عني فمن كانت به قوة فليتأخر إلى آخر الليل ومن لم تكن به قوة فليذهب أول الليل فإذا سمعتم بي قد استقرت لي الأرض فالحقوا بي ".
فأصبح بلال المؤذن وخباب وعمار وجارية من قريش كانت أسلمت فأخذهم المشركون وأبو جهل فعرضوا على بلال أن يكفر فأبى فجعلوا يضعون درعاً من حديد في الشمس ثم يلبسونها إياه فإذا ألبسوه إياه قال أحد أحد، وأما خباب فجعلوا يجرونه في الشوك، وأما عمار فقال لهم كلمة أعجبتهم تقية، وأما الجارية فوتد لها أبو جهل أربعة أوتاد ثم مدها فأدخل الحربة في قلبها حتى قتلها، ثم خلوا عن بلال وخباب وعمار فلحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه بأمرهم، واشتد على عمار الذي كان تكلم به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" كيف كان قلبك حين قلت، أكان منشرحا بالذي قلت أم لا؟ " قال: لا. فأنزل الله (إلا من أكره وقلبه مطمئن