وقيل نزلت في جبر مولى عامر بن الحضرمي أكرهه سيده على الكفر، والأول أولى، والحق أن الآية عامة في كل من أكره على الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان وإن كان السبب خاصاً، وفيه دليل على أن محل الإيمان هو القلب.
(ولكن) الاستدراك واضح لأن قوله إلا من أكره قد يسبق الوهم إلى الاستثناء مطلقاً فاستدرك هذا، وقوله (مطمئن) لا ينفي ذلك الوهم (من) موصولة أو شرطية والأول أولى.
(شرح بالكفر صدراً) أي اختاره ورضي به وطابت به نفسه (فعليهم) فيه مراعاة معنى (من) ولو راعى لفظها لأفرد وقال فعليه (غضب من الله ولهم عذاب عظيم) في الآخرة.
عن ابن عباس قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب النبي صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير فتركوه، فلما أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما وراءك؟ " قال: شر، ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير، قال:" كيف تجد قلبك؟ " قال: مطمئناً بالإيمان، قال " إن عادوا فعد "، فنزلت (إلا من أكره) الخ. قال: فذاك عمار بن ياسر، ولكن من شرح بالكفر صدراً عبد الله بن أبي سرح (١)، أخرجه البيهقي والحاكم وصححه، وفي الباب روايات مصرحة بأنها نزلت فيه.
وعن محمد بن سيرين قال: نزلت هذه الآية في عياش بن أبي ربيعة وعن ابن عباس قال: هو عبد الله بن أبي سرح الذي كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأزله الشيطان فلحق بالكفار، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتل يوم فتح مكة، فاستجار له عثمان بن عفان، فأجاره النبي صلى الله عليه وسلم. وعن الحسن وعكرمة مثله، وليس بعد هذا الوعيد العظيم وهو الجمع للمرتدين بين غضب الله وعظيم عذابه وعيد.