للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عشر مائة قول، فانظر إلى هذا الفضول الفارع والتعب العاطل عن النفع بعد أن علموا أن الله سبحانه قد استأثر بعلمه، ولم يطلع عليه أنبياءه ولا أذن لهم بالسؤال عنه ولا البحث على حقيقته فضلاً عن أممهم المقتدين بهم.

فيالله العجب حيث تبلغ أقوال أهل الفضول والقانعين بالمعقول من المنقول إلى هذا الحد الذي لم تبلغه ولا بعضه في غير هذه المسألة مما أذن الله بالكلام فيه ولم يستأثر بعلمه، وقد عجزت الأوائل عن إدراك ماهيته بعد إنفاق الأعمار الطويلة على الخوض فيه.

والحكمة في ذلك تعجيز العقل عن إدراك معرفة مخلوق مجاور له ليدل على أنه عن إدراك خالقه أعجز، ولذا رد ما قيل في حده قديماً وحديثاً.

ثم ختم سبحانه هذه الآية بقوله (وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً) الخطاب عام لجميع الخلق ومن جملتهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل هو خطاب لليهود خاصة، والأول أولى، ويدخل فيه اليهود دخولاً أولياً.

والمعنى أن علمكم الذي علمكم الله ليس إلا المقدار القليل بالنسبة إلى علم الخالق سبحانه وأن أوتيتم حظاً من العلم وافراً، بل علم الأنبياء عليهم السلام ليس هو بالنسبة إلى علم الله سبحانه إلا كما يأخذ الطائر في منقاره من البحر كما في حديث موسى والخضر عليهما السلام.

وعبارة الخازن أن القلة والكثرة تدوران مع الإضافة، فوصف الشيء بالقلة بالنسبة إلى ما فوقه وبالكثرة إلى ما تحته. أهـ.

أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن مسعود قال: كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في خرب المدينة وهو متكئ على عسيب فمر بقوم من اليهود

<<  <  ج: ص:  >  >>