(هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) تعليل لما قبله وجعل النساء لباساً للرجال والرجال لباساً لهن لامتزاج كل واحد منهما بالآخر عند الجماع كالامتزاج الذي يكون بين الثوب ولابسه، قال أبو عبيدة وغيره: يقال للمرأة لباس وفراش وإزار، وقيل إنما جعل كل واحد منهما لباساً للآخر لأنه يستره عند الجماع عن أعين الناس وعن ابن عباس: هن سكن لكم وأنتم سكن لهن قيل لا يسكن شيء إلى شي كسكون أحد الزوجين إلى الآخر، وقد روي في سبب نزول هذه الآية أحاديث عن جماعة من الصحابة نحو ما قاله البراء.
(علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم) أي تخونونها بالمباشرة في ليالي الصوم يقال خان واختان بمعنى وهما من الخيانة، قال القتيبي أصل الخيانة أن يؤتمن الرجل على شيء فلا يؤدي الأمانة فيه انتهى، وإنما سماهم خائنين لأنفسهم لأن ضرر ذلك عائد عليهم.
(فتاب عليكم) يحتمل معنيين أحدهما قبول التوبة من خيانتهم لأنفسهم، والآخر التخفيف عنهم بالرخصة والإباحة كقوله (علم أن لن تحصوه فتاب عليكم) يعني خفف عنكم وكقوله (فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله) يعني تخفيفاً وهكذا قوله: (وعفا عنكم) يحتمل العفو من الذنب ويحتمل التوسعة والتسهيل (فالآن) قال أبو البقاء (الآن) حقيقة الوقت الذي أنت فيه وقد يقع على الماضي القريب منك وعلى المستقبل القريب تنزيلاً للقريب منزلة الحاضر وهو المراد هنا، وقد تقدم الكلام على الآن (باشروهن) أي جامعوهن فهو حلال لكم في ليالي الصوم، وسميت المجامعة مباشرة لتلاصق بشرة كل واحد بصاحبه، قيل هذا الأمر والثلاثة بعده للإباحة وفيه دليل على جواز نسخ الكتاب للسنة.
(وابتغوا ما كتب الله لكم) تأكيد لما قبله أو تأسيس، والثاني أولى أي ابتغوا بمباشرة نسائكم حصول ما هو معظم المقصود من النكاح وهو حصول النسل والولد، قيل فيه نهى عن العزل وقيل عن غير المأتي، والتقدير وابتغوا المحل