الذي كتب الله لكم، وقيل المراد ابتغوا القرآن بما أبيح لكم فيه قاله الزجاج وغيره، وقيل ابتغوا الرخصة والتوسعة وقيل ابتغوا ما كتب لكم من الإماء والزوجات، وقيل ابتغوا ليلة القدر، وقيل غير ذلك مما لا يفيده النظم القرآني ولا دل عليه دليل آخر، وقرأ الحسن البصري (واتبعوا) بالعين المهملة من الاتباع.
(كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) هو تشبيه للمنع والمراد هنا بالخيط الأبيض هو المعترض في الأفق لا الذي هو كذنب السرحان فإنه الفجر الكذاب الذي لا يحل شيئاً ولا يحرمه، والمراد بالخيط الأسود سواد الليل، والتبيين أن يمتاز أحدهما عن الآخر، وذلك لا يكون إلا عند دخول وقت الفجر.
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن سهل بن سعد قال: كان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود، فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما فأنزل الله (من الفجر) فعلموا أنه يعني الليل من النهار.
وفي الصحيحين وغيرهما عن عدي بن حاتم أنه جعل تحت وسادته خيطين أبيض وأسود جعل ينظر إليهما فلا يتبين له الأبيض من الأسود، فغدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره قال: إن وسادك إذن لعريض، إنما ذلك بياض النهار من سواد الليل، وفي رواية (١) في البخاري وغيره أنه قال له إنك لعريض العقل، وفي رواية عند ابن جرير وابن أبي حاتم أنه ضحك منه.
قيل " من " الأولي لابتداء الغاية والثانية للبيان، قاله السيوطي، وقال الزمخشري وغيره الثانية للتبعيض أي حال كون الخيط الأبيض بعضاً من الفجر، وفي تجويز المباشرة إلى الصبح دلالة على جواز تأخير الغسل إليه وصحة
(١) رواه أحمد في المسند وفي رواية لمسلم/١٠٩/: إن وساديك لعريض.