للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النساء في المساجد من غير فرق بين المعتكف وغيره، ولو كان كذلك لم تكن لقوله (وأنتم عاكفون) فائدة.

ثم هذا الاعتكاف المذكور في الآية قد بينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمته باعتكافه غير مرة وهو وزوجاته وأصحابه بمحضره فكان - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد الاعتكاف أمر بخبائه فضرب في المسجد كما ثبت في الصحيحين وغيرهما ثم أقام فيه لا يخرج منه إلا لحاجة الإنسان ويعود مسرعاً لا يعود مريضاً ولا يشتغل بشيء كما ثبت في دواوين الإسلام فهذا هو الاعتكاف الشرعي الذي علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

ومن زعم أن المراد به مطلق اللبث ولو في غير المسجد، نظر إلى أصل معناه اللغوي فقد قدم الحقيقة اللغوية على الحقيقة الشرعية وهو خلاف ما تقرر في الأصول، بل خلاف ما عليه أهل العلم سلفاً وخلفاً، ولو كان الاعتكاف المشروع هو مجرد اللبث ولو في غير المسجد لكان اللابث في داره وفي سوقه وفي المصاطب ونحوها معتكفاً إذا حصلت منه النية، وهذا خلاف ما في القرآن الكريم، وخلاف ما ثبت تواتراً في السنة المطهرة، وخلاف ما فهمه المسلمون من هذه العبادة، بل خلاف ما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - من قوله كما في سنن سعيد بن منصور من حديث ابن مسعود قال: لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة أو قال: إلا في مسجد جماعة (١).

وأما ما فهمه بعض الناس من جواز الوطء للمعتكف في غير المسجد فيرده ما رواه أبو داود عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: السنة على المعتكف أن لا يعود مريضاً ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولا يباشرها ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه، ولا اعتكاف إلا بصوم ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع، وقد تقرر أن قول الصحابي " من السنة " أو السنة له حكم


(١) والصحيح أنه يصح في مسجد جامع كما نصت كتب الفقه أما أحاديث الاعتكاف فهي كثيرة منها: ما روته عائشة رضي الله عنها: كان الرسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان.

<<  <  ج: ص:  >  >>