غريب؛ الملفقون من الصحف كل صحيح وسقيم، وقد دل على ضعف هذه القصة اضطراب رواتها وانقطاع سندها واختلاف ألفاظها.
والذي جاء في الصحيح من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ والنجم فسجد فيها وسجد من كان معه غير أن شيخاً من قريش أخذ كفاً من حصى أو تراب فرفعه إلى جبهته، قال عبد الله: فلقد رأيته بعد قتل كافراً، أخرجه البخاري ومسلم (١).
وصح من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس رواه البخاري، فهذا الذي جاء في الصحيح لم يذكر فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر تلك الألفاظ ولا قرأها والذي ذكره الفسرون عن ابن عباس في هذه القصة فقد رواه عنه الكلبي وهو ضعيف جداً، بل متروك لا يعتمد عليه، وكذا أخرجه النحاس بسند آخر فيه الواقدي فهذا توهين هذه القصة.
وقد أجابوا عنه من حيث المعنى بوجوه أخرى يطول ذكرها بلا فائدة زائدة وقد استوفاها الخازن في تفسيره، والنسفي في المدارك ونبه الحافظ ابن حجر على ثبوت أصلها في الجملة، وقال إن ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح لكنها مراسيل، وإذا تقرر لك بطلان ذلك عرفت أن معنى. تمنى قرأ وتلا كما قدمنا من حكاية الواحدي لذلك عن المفسرين.
قال البغوي: إن أكثر المفسرين قالوا معنى تمنى تلا، وقرأ كتاب الله ومعنى ألقى الشيطان في أمنيته أي في تلاوته وقراءته، قال ابن جرير: هذا القول أشبه بتأويل الكلام، ويؤيد هذا ما تقدم في تفسير قوله:(لا يعلمون الكتاب إلا أماني) وقيل معنى تمنى حدّث، ومعنى في أمنيته في حديثه، روي هذا عن ابن عباس، وقيل معنى تمنى قال، فحاصل معنى الآية أن الشيطان أوقع في مسامع المشركين ذلك من دون أن يتكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا جرى على لسانه فتكون هذه الآية تسلية لرسول الله (- صلى الله عليه وسلم -).