ومتى هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: إذا كانت بنو أمية الأمراء وبنو المغيرة الوزراء.
وأخرج الترمذي وصححه وابن حبان عن فضالة بن عبيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله "(١)، ثم عظم سبحانه شأن المكلفين بقوله:(هو اجتباكم) أي اختاركم لدينه وفيه تشريف لهم عظيم، ثم لما كان في التكليف مشقة على النفس في بعض الحالات قال:
(وما جعل عليكم في الدين من حرج) أي من ضيق وشدة، وقد اختلف العلماء في هذا الحرج الذي رفعه الله فقيل هو ما أحله الله من النساء مثنى وثلاث ورباع وملك اليمين، وقيل المراد قصر الصلاة والإفطار للمسافر والصلاة بالإيماء على من لا يقدر على غيره وإسقاط الجهاد عن الأعرج والأعمى والمريض وأكل الميتة عند الضرورة واغتفار الخطأ في تقديم الصيام وتأخيره لاختلاف الأهلة وكذا في الفطر والأضحى، وقيل المعنى أنه سبحانه ما جعل عليهم حرجاً بتكليف ما يشق عليهم، ولكن كلفهم بما يقدرون عليه، ورفع عنهم التكاليف التي فيها حرج فلم يتعبدهم بها كما تعبد بها بني إسرائيل.
وقيل المراد بذلك أنه جعل لهم من الذنب مخرجاً بفتح باب التوبة، وقبول الاستغفار والتكفير فيما شرع فيه الكفارة، والأرش أو القصاص في الجنايات ورد المال أو مثله، أو قيمته في الغصب ونحوه؛ فليس في دين الإسلام ما لا يجد العمد فيه سبيلاً إلى الخلاص من الذنوب ومن العقاب، وقيل المراد بالدين التوحيد ولا حرج فيه، بل فيه تخفيف فإنه يكفِّر ما قبله من الشرك وإن امتد ولا يتوقف الإتيان به على زمان أو مكان معين.
(١) الترمذي كتاب فضائل الجهاد الباب ٢ أحمد بن حنبل ٦/ ٢٠ - ٢٢.