فيقول: إلى دار الهموم والأحزان؟ بل قدما إلى الله، وأما الكافر فيقولون له: نرجعك؟ فيقول رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً، وهو مرسل.
وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا حضر الإنسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحق فيجعل بين عينيه، فعند ذلك يقول رب ارجعون " الآية.
وعن ابن عباس في قوله:(أعمل صالحاً) قال: أقول لا إله إلا الله (فيما تركت) أي في الموضع الذي ضيعت أو منعت، وقيل خلفت من التركة وهو الدنيا لأنه ترك الدنيا وصار إلى العقبى. قال قتادة: ما تمنى أن يرجع إلى أهله وعشيرته ولا ليجمع الدنيا ويقضى الشهوات، ولكن تمنى أن يرجع فيعمل بطاعة الله، فرحم الله امْرءاً عمل فيما تمناه الكافر إذا رأى العذاب. ولما تمنى أن يرجع ليعمل، رد الله عليه ذلك بقوله:
(كلاّ إنها كلمة هو قائلها) فجاء بكلمة الردع والزجر، والضمير في (إنها) يرجع إلى قوله: (رب ارجعون) أي أن هذه الكلمة هو قائلها لا محالة لا يخليها ولا يسكت عنها لاستيلاء الحسرة والندم عليه، وليس الأمر كما يظنه من أنه يجاب إلى الرجوع إلى الدنيا؛ أو المعنى أنه لو أجيب إلى ذلك لما حصل منه الوفاء كما في قوله:(ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) وقيل إن الضمير في (هو) يرجع إلى الله، أي لا خلف في خبره، وقد أخبرنا بأنه لا يؤخر نفساً إذا جاء أجلها.
(ومن ورائهم) أي من أمامهم وبين أيديهم، والضمير للأحد والجمع باعتبار المعنى لأنه في حكم كلهم، كما أن الأفراد في الضمائر الأول باعتبار اللفظ (برزخ) هو الحاجز بين الشيئين. قاله الجوهري، واختلف في معنى الآية فقال الضحاك ومجاهد وابن زيد: حاجز بين الموت والبعث. وقال