للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لتبتغوا عرض الحياة الدنيا) وهو ما تكسبه الأمة بفرجها، وهذا التعليل خارج مخرج الغالب، والمعنى: إن هذا الغرض هو الذي كان يحملهم على إكراه الإماء على البغاء في الغالب، لأن إكراه الرجل لأمته على البغاء، لا لفائدة له أصلاً، لا يصدر مثله عن العقلاء، فلا يدل هذا التعليل على أنه يجوز له أن يكرهها، إذا لم يكن مبتغياً بإكراهها عرض الحياة الدنيا، وقيل إن هذا التعليل للإكراه هو باعتبار أن عادتهم كانت كذلك، لا أنه مدار للنهي عن الإكراه لهن، وهذا يلاقي المعنى الأول، ولا يخالف.

(ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم) هذا مقرر لما قبله، ومؤكد له، والمعنى أن عقوبة الإكراه راجعة إلى المكرِهين لا إلى المكرهات، كما تدل عليه قراءة ابن مسعود وغيره، فإن الله غفور رحيم لهن. قيل وفي هذا التفسير بعد، لأن المكرهة على الزنا غير آثمة، وأجيب بأنها وإن كانت مكرهة فربما لا تخلو في تضاعيف الزنا عن شائبة مطاوعة، إما بحكم الجبلة البشرية، أو بكون الإكراه قاصراً عن حد الإلجاء المزيل للاختيار بالمرة، وإما لغاية تهويل أمر الزنا وحث المكرهات على التثبت في التجافي عنه والتشديد في تحذير المكرهين، ببيان أنهن حيث كن عرضة للعقوبة، لولا أن تداركتهن المغفرة والرحمة مع قيام العذر في حقهن، فما حال من يكرههن في استحقاق العقاب، وقيل: إن المعنى غفور رحيم لهم، إما مطلقاً أو بشرط التوبة، ولما فرغ سبحانه من بيان تلك الأحكام شرع في وصف القرآن بصفات ثلاث فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>