هذا الاختصار في العمة والخالة لإمكان سبق الوهم إلى أن التاء فيهما للوحدة انتهى. وكل وجه من هذه الوجوه يحتمل المناقشة بالنقض والمعارضة، وأحسنها تعليل جمع العمة والخالة تسبق الوهم إلى أن التاء للوحدة وليس في العم والخال ما يسبق الوهم إليه بأنه أريد به الوحدة إلا مجرد صيغة الإفراد وهي لا تقتضي ذلك بعد إضافتها لما تقرر من عموم أسماء الأجناس المضافة؛ على أن هذا الوجه الأحسن لا يصفو عن شوب المناقشة أيضاًً؛ قال الشهاب.
وقد سئل كثير عن حكمة إفراد العم والخال دون العمة والخالة حتى أن السبكي صنف جزءاً فيه سماه بذل الهمة في إفراد العم وجمع العمة. وقد رأيت لهم فيه كلمات كلها ضعيفة، كقول الرازي: إن العم والخال على زنة المصدر ويستوي فيه المفرد والجمع بخلاف العمة والخالة وقيل: إنهما يعمان إذا أضيفا، والعمة والخالة لا يعمان لتاء الوحدة انتهى.
أخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، والطبراني وغيرهم عن أم هانيء بنت أبي طالب قالت:(خطبني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعتذرت إليه فعذرني، فأنزل الله: يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك إلى قوله هاجرن معك) قالت: فلم أكن أحل له لأني لم أهاجر معه، كنت من الطلقاء.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه من وجه آخر عنها قالت: نزلت في هذه الآية: (وبنات عماتك اللاتي هاجرن معك) أراد النبي أن يتزوجني فنهي عني إذ لم أهاجر.
وعن ابن عباس في قوله:(إنا أحللنا لك أزواجك) إلى قوله: (خالصة لك) قال فحرم الله عليه سوى ذلك من النساء، وكان قبل ذلك ينكح في أي النساء شاء لم يحرم ذلك عليه. وكان نساؤه يجدن من ذلك وجداً شديداً أن ينكح في أي النساء أحب، فلما أنزل: إني حرمت عليك من النساء سوى ما قصصت عليك أعجب ذلك نساءه.
(وامرأة مؤمنة) أي: وأحللنا لك امرأة مصدقة بالتوحيد، وهذا يدل