بين بصرة وعسكر مكرم على شط دجلة، والأول هو الأظهر والأشهر.
(وهي خاوية على عروشها) أي ساقطة يعني سقط السقف ثم سقطت الحيطان عليه، قاله السدي واختاره ابن جرير، وقيل معناه خالية من الناس، والبيوت قائمة، وأصل الخوى: الخلو يقال خوت الدار وخويت تخوى خواء ممدود وخوياً أقوت، والخوى أيضاً الجوع لخلو البطن عن الغذاء.
والظاهر القول الأول بدلالة قوله (على عروشها) من خوى البيت إذا سقط وخوت الأرض إذا انهدمت، قال ابن عباس: خاوية أي خراب، وقال قتادة: خاوية أي ليس فيها أحد، وقال الضحاك: العروش السقوف.
(قال) أي ذلك المار (أنىّ يحيى هذه الله بعد موتها) أي متى يحيي أو كيف يحيي، وهو استبعاد لإحيائها وهي على تلك الحالة المشابهة لحالة الأموات المباينة لحالة الأحياء، وتقديم المفعول لكون الإستبعاد ناشئاً من جهته لا من جهة الفاعل، وقيل: قال ذلك استعظاماً لقدرته تعالى، قاله السيوطي.
وعبارة أبي السعود قال: ذلك تلهفاً عليها، وتشوقاً إلى عمارتها مع استشعار اليأس منها، وعبارة البيضاوي قال: ذلك اعترافاً بالقصور عن معرفة طريق الإحياء ..
وسبب توجعه على تلك القرية أنه كان أهلها من جملة من سباهم بخت نصر، فلما خلص من السبي وجاء ورآها على تلك الحالة توجع وتلهف.
ولما قال المار هذه المقالة مستبعداً لإحياء القرية المذكورة بالعمارة لها والسكون فيها ضرب الله له المثل في نفسه بما هو أعظم مما سأل عنه فقال (فأماته الله مائة عام) وحكى الطبري عن بعضهم أنه قال كان هذا القول شكاً في قدرة الله على الإحياء فلذلك ضرب له المثل في نفسه.