للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن عطية: ليس يدخل شك في قدرة الله سبحانه على إحياء قرية بجلب العمارة إليها وإنما يتصور الشك إذا كان سؤاله عن إحياء موتاها، والعام السنة أصله مصدر كالعوم سمي به هذا القدر من الزمان والعوم هو السباحة سميت السنة عاماً لأن الشمس تعوم في جميع بروجها.

(ثم بعثه) أي أحياه ليريه كيفية ذلك، وإيثار البعث على الإحياء للدلالة على سرعته وسهولة تأتيه على الباري تعالى كأنه بعثه من النوم، وللإيذان بأنه عاد كهيئته يوم موته عاقلاً فاهماً مستعداً للنظر والاستدلال.

قال علي: فأول ما خلق الله عيناه فجعل ينظر إلى عظامه ينضم بعضها إلى بعض ثم كسيت لحماً ثم نفخ فيه الروح، قال علي: فأتى مدينته وقد ترك جاراً له إسكافاً شاباً فجاء وهو شيخ كبير.

(قال كم لبثت قال لبثت يوماً أو بعض يوم) اختلف في فاعل قال فقيل هو الله عز وجل وقيل ناداه بذلك ملك من السماء قيل هو جبريل وقيل غيره، وقيل إنه نبي من الأنبياء وقيل رجل من المؤمنين من قومه شاهده عند إن أماته الله وعمر إلى حين بعثه، والأول أولى لقوله فيما بعد (وانظر إلى العظام كيف ننشزها).

وإنما قال (يوماً أو بعض يوم) بناء على ما عنده وفي ظنه فلا يكون كاذباً، ومثل قول أصحاب الكهف (قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم) ومثله قوله - صلى الله عليه وسلم - في قصة ذي اليدين " لم تقصر ولم أنس " (١) وهذا مما يؤيد قول من قال: إن الصدق ما طابق الاعتقاد والكذب ما خالفه.

وقيل إن الله أماته ضحى في أول النهار وأحياه بعد مائة سنة في آخر النهار قبل أن تغيب الشمس، فقال (لبثت يوماً) وهو يرى أن الشمس قد غابت ثم التفت فرأى بقية من الشمس فقال (أو بعض يوم) وقيل إن أو بمعنى بل التي للإضراب وهو قول ثابت وقيل هي للشك والأول أولى.


(١) الدارمي كتاب الصلاة باب ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>