للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحكى ابن جرير عن طائفة من أهل العلم أنه سأل ذلك لأنه شك في قدرة الله، واستدلوا بما صح عنه - صلى الله عليه وسلم - في الصحيحين وغيرهما من قوله " نحن أحق بالشك من إبراهيم، وبما روى عن ابن عباس أنه قال: ما في القرآن عندي آية أرجى منها. أخرجه عنه الحاكم وصححه، ورجح هذا ابن جرير بعد حكايته له.

قال ابن عطية وهو عندي مردود يعني قول هذه الطائفة ثم قال: وأما قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " نحن أحق بالشك من إبراهيم " فمعناه أنه لو كان شاكاً لكنا نحن أحق به ونحن لا نشك فإبراهيم أحرى أن لا يشك ".

فالحديث مبني على نفي الشك عن إبراهيم.

وأما قول ابن عباس: هي أرجى آية فمن حيث أن فيها الإدلال على الله وسؤال الإحياء في الدنيا وليست مظنة ذلك.

ويجوز أن نقول هي أرجى آية لقوله (أو لم تؤمن) أي أن الإيمان كاف لا يحتاج معه إلى تنقير وبحث، قال: فالشك يبعد على من ثبت قدمه بالإيمان فقط فكيف بمرتبة النبوة والخلّة والأنبياء معصومون من الكبائر ومن الصغائر التي فيها رذيلة إجماعاً.

وإذا تأملت سؤاله عليه السلام وسائر الألفاظ للآية لم تعط شكاً، وذلك أن الاستفهام بكيف إنما هو سؤال عن حالة شيء موجود متقرر الوجود عند السائل والمسئول نحو قولك: كيف علم زيد، وكيف نسج الثوب، ونحو هذا، ومتى قلت كيف ثوبك وكيف زيد فإنما السؤال عن حال من أحواله.

وقد يكون كيف خبراً عن شيء شأنه أن يستفهم عنه بكيف نحو قولك: كيف شئت فكن، ونحو قول البخاري: كيف كان بدء الوحي، وهي في هذه الآية استفهام عن هيئة الإحياء، والإحياء متقرر، ولكن لما وجدنا بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>