المنكرين لوجود شيء قد يعبّرون عن إنكاره بالاستفهام عن حالة لذلك الشيء يعلم أنها لا تصح فيلزم من ذلك أن الشيء في نفسه لا يصح.
مثال ذلك أن يقول مدّع أنا أرفع هذا الجبل فيقول المكذب له أرني كيف ترفعه، فهذه طريقة مجاز في العبارة ومعناها تسليم جدل، كأنه يقول افرض أنك ترفعه.
فلما كان في عبارة الخليل هذا الاشتراك المجازي خلص الله له ذلك وحمله على أن بين له الحقيقة فقال له (أو لم تؤمن قال بلى) فكمل الأمر وتخلص من كل شيء ثم علل عليه السلام سؤاله بالطمأنينة.
قال القرطبي: هذا ما ذكره ابن عطية وهو بالغ، ولا يجوز على الأنبياء صلوات الله عليهم مثل هذا الشك فإنه كفر، والأنبياء متفقون على الإيمان بالبعث.
وقد أخبر الله سبحانه أن أنبياءه وأولياءه ليس للشيطان عليهم سبيل فقال (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) وقال اللعين (إلا عبادك منهم المخلصين) وإذا لم تكن له عليهم سلطنة فكيف يشككهم وإنما سأل أن يشاهد كيفية جمع أجزاء الموتى بعد تفريقها، وإيصال الأعصاب والجلود بعد تمزيقها.
فأراد أن يرقى من علم اليقين إلى عين اليقين.
فقوله (ربِّ أرني كيف) طلب مشاهدة الكيفية، قال الماوردي: وليست الألف في قوله (أو لم تؤمن) ألف استفهام وإنما هي ألف إيجاب وتقرير، والواو واو الحال، وتؤمن معناه إيماناً مطلقاً دخل فيه فصل إحياء الموتى، والطمأنينة اعتدال وسكون، وقال ابن جرير: ليوقن قلبي.
(قال فخذ أربعة من الطير) أي إن أردت ذلك فخذ، والطير اسم جمع