وما فيها؟ فقال لها إن أحسنت آجرتك، وإن أسأت عذبتك، فقالت لا. قال مجاهد فلما خلق الله آدم عرضها عليه، وقيل له ذلك، فقال قد تحملتها. وروي نحو هذا عن غير الحسن ومجاهد قال النحاس: وهذا القول هو الذي عليه أهل التفسير.
وقيل: هذه الأمانة هي ما أودعه الله في السموات والأرض والجبال وسائر المخلوقات من الدلائل على ربوبيته أن يظهروها فأظهروها إلا الإنسان فإنه كتمها وجحدها كذا قال بعض المتكلمين مفسراً للقرآن برأيه الزائف، فيكون على هذا معنى عرضنا أظهرنا، قال جماعة من العلماء: ومن المعلوم أن الجماد لا يفهم ولا يجيب فلا بد من تقدير الحياة فيها، وهذا العرض في الآية هو عرض تخيير لا عرض إلزام، ولو ألزمهن لم يمتنعن من حملها، والجمادات كلها خاضعة لله عز وجل مطيعة لأمره ساجدة له، وقيل: المراد بالعرض هو العرض على أهلها من الملائكة دون أعيانها، وقال القفال وغيره: العرض في هذه الآية ضرب مثل أي أن السموات والأرض والجبال على كبر أجرامها لو كانت بحيث يجوز تكليفها لثقل عليها تقلد الشرائع لما فيها من الثواب والعقاب أي أن التكليف أمر عظيم حقه أن تعجز عنه السموات والأرض والجبال، وقد كلفه الإنسان وهو ظلوم جهول لو عقل وهذا كقوله (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل).
وقيل: إنا عرضنا بمعنى عارضنا أي عارضنا الأمانة بالسموات والأرض والجبال فضعفت هذه الأشياء عن الأمانة ورجحت الأمانة بثقلها عليها، وقيل: إن عرض الأمانة على السموات والأرض والجبال، إنما كان من آدم عليه السلام وإن أمره أن يعرض ذلك عليها وهذا أيضاً تحريف لا تفسير، وقد قيل: إن المراد بالأمانة العقل، والراجح ما قدمناه عن الجمهور وما عداه فلا يخلو عن ضعف لعدم وروده على المعنى العربي، ولا انطباقه على ما يقتضيه الشرع، ولا موافقته لما تقتضيه التعريف بالأمانة.