(إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) أي يصرعه، وأصل الخبط الضرب بغير استواء كخبط العشواء، وهو المصروع، والمس المجنون والممسوس المجنون، وكذلك الأولق، قال سعيد بن جبير: تلك علامة آكل الربا إذا استحله يوم القيامة.
وفي الآية دليل على فساد قول من قال إن الصرع لا يكون من جهة الجن وزعم أنه من فعل الطبائع، وقال: إن الآية خارجة على ما كانت العرب تزعمه من أن الشيطان يصرع الإنسان وليس بصحيح وأن الشيطان لا يسلك في الإنسان ولا يكون منه مس، وقد استعاذ النبي - صلى الله عليه وسلم - من أن يتخبطه الشيطان كما أخرجه النسائي وغيره.
وقد وردت أحاديث كثيرة في تعظيم ذنب الربا منها حديث عبد الله بن مسعود عند الحاكم وصححه والبيهقي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال:" الربا ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم "(١).
وورد هذا المعنى مع اختلاف العدد عن جماعة من الصحابة، وورد عن جماعة منهم أن آخر آية أنزلها على رسوله آية الربا.
(ذلك بأنهم قالوا) ذلك إشارة إلى ما ذكر من حالهم وعقوبتهم بسبب قولهم (إنما البيع مثل الربا) أي أنهم جعلوا البيع والربا شيئاً واحداً أي اعتقدوا مدلول هذا القول وفعلوا مقتضاه أي ذلك العقاب بسبب أنهم نظموا الربا والبيع في سلك واحد لإفضائهما إلى الربح فاستحلوه استحلاله، وقالوا يجوز بيع درهم بدرهمين، وإنما شبهوا البيع بالربا مبالغة بجعلهم الربا أصلاً والبيع فرعاً، أي إنما البيع بلا زيادة عند حلول الأجل كالبيع بزيادة عند حلوله فإن العرب كانت لا تعرف رباً إلا ذلك، وهذا من عكس التشبيه مبالغة وهو
(١) نزلت في عثمان بن عفان، والعباس، كانا قد أسلفا في التمر، فلما حضر الجذاذ، قال صاحب التمر: إن أخذتما مالكما، لم يبق لي ولعيالي ما يكفي، فهل لكما أن تأخذا النصف واضعّف لكما؟ ففعلا، فلما حل الأجل، طلبا الزيادة، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فنهاهما.