للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أعلى مراتبه نحو قولهم: القمر كوجه زيد والبحر ككفه إذ صار المشبَّه مشبهاً به.

فرد الله عليهم بقوله (وأحل الله البيع وحرم الربا) أي أن الله تعالى أحل البيع وحرم نوعاً من أنواعه وهو البيع المشتمل على الربا الذي هو زيادة في المال لأجل تأخير الأجل، والبيع مصدر باع يبيع أي دفع عوضاً وأخذ معوضاً، وقد ذكر المفسرون في هذا المقام سبب تحريم الربا واختلاف أهل العلم في عللها وأحكامها ومسائل القرض وإنما محلها كتب الفروع.

(فمن جاءه موعظة من ربه) أي من بلغته موعظة من الله من المواعظ التي تشتمل عليها الأوامر والنواهي، ومنها ما وقع هنا من النهي عن الربا، والموعظة والعظة والوعظ معناها واحد وهو الزجر والتخويف وتذكير العواقب، والاتعاظ القبول والامتثال.

(فانتهى) عن أكله أي فامتثل النهي الذي جاء وانزجر عن المنهى عنه واتعظ وقبل (فله ما سلف) أي ما تقدم منه من الربا لا يؤاخذ به لأنه فعله قبل أن يبلغه تحريم الربا أو قبل أن تنزل آية تحريم الربا (وأمره) أي أمر الربا (إلى الله) في تحريمه على عباده واستمرار ذلك التحريم، وقيل الضمير عائد إلى ما سلف أي أمره إلى الله في العفو عنه وإسقاط التبعة فيه وقيل الضمير يرجع إلى المُرْبى أي أمر من عامل بالربا إلى الله في تثبيته على الانتهاء أو الرجوع إلى المعصية، وقيل إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه.

(ومن عاد) إلى أكل الربا والمعاملة به (فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) الإشارة إلى من عاد وجمع أصحاب باعتبار معنى من، وقيل إن معنى من عاد هو أن يعود إلى القول بأنما البيع مثل الربا وأنه يكفر بذلك فيستحق الخلود، وعلى التقدير الأول يكون الخلود مستعاراً على معنى المبالغة كما تقول العرب: مُلك خالد أي طويل البقاء، والمصير إلى هذا التأويل واجب للأحاديث المتواترة القاضية بخروج الموحّدين من النار، قال سعيد بن جبير: خالدون يعني لا يموتون.

<<  <  ج: ص:  >  >>