ويجاب عن هذا بأن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وأيضاً العبد تصح منه المداينة وسائر المعاملات إذا أذن له مالكه بذلك.
وقد اختلف الناس هل الإشهاد واجب أو مندوب؟ قال أبو موسى الأشعري وابن عمر والضحاك وعطاء وسعيد بن المسيب وجابر بن زيد ومجاهد وداود بن علي الظاهري وابنه أنه واجب، ورجحه ابن جرير الطبري، وذهب الشعبي والحسن ومالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه أنه مندوب.
وهذا الخلاف بين هؤلاء هو في وجوب الإشهاد على البيع واستدل الموجبون بقوله تعالى (وأشهدوا إذا تبايعتم) ولا فرق بين هذا الأمر وبين قوله (واستشهدوا) فيلزم القائلين بوجوب الإشهاد في البيع أن يقولوا بوجوبه في المداينة.
(فإن لم يكونا رجلين) أي الشاهدان أي بحسب القصد والإرادة أي فإن لم يقصد إشهادهما ولو كانا موجودين (فرجل وامرأتان) أي فليشهد رجل وامرأتان أو فرجل وامرأتان يكفون، كائنون (ممن ترضون) دينهم وعدالتهم حال كونهم (من الشهداء).
وفيه أن المرأتين في الشهادة برجل، وأنها لا تجوز شهادة النساء إلا مع الرجل لا وحدهن إلا فيما لا يطلع عليه غيرهن للضرورة.
واختلفوا هل يجوز الحكم بشهادة امرأتين مع يمين المدعي كما جاز الحكم برجل مع يمين المدعي؟ فذهب مالك والشافعي إلى أنه يجوز ذلك لأن الله سبحانه قد جعل المرأتين كالرجل في هذه الآية.
وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنه لا يجوز ذلك.
وهذا يرجع إلى الخلاف في الحكم بشاهد مع يمين المدعي، والحق أنه جائز لورود الدليل عليه وهو زيادة لم يخالف ما في الكتاب العزيز فيتعين قبولها، وقد أوضحنا ذلك في شرح بلوغ المرام، وأوضحه الشوكاني في شرحه