أصابه بعد القدر إلا من عجب بنفسه وذلك أنه قال، يا رب ما من ساعة من ليل ولا نهار إلا وعابد من آل داود يعبدك يصلي لك أو يسبح أو يكبر، وذكر أشياء فكره الله ذلك فقال، يا داود إن ذلك لم يكن إلا بي فلولا عوني ما قويت عليه، وعزتي وجلالي لأكلنك إلى نفسك يوماً، قال يا رب فأخبرني به فأخبر به فأصابته الفتنة ذلك اليوم.
وأخرج أصل القصة الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وابن أبي حاتم عن أنسر مرفوعاً بإسناد ضعيف.
وأخرجها ابن جرير من وجه آخر عن ابن عباس مطولة وأخرجها جماعة عن جماعة من التابعين.
قال صاحب الكشاف بعد ذكر هذه القصة هذا ونحوه مما يقبح أن يحدث به عن بعض المتسمين بالصلاح من أفناء المسلمين فضلاً عن بعض أعلام الأنبياء اهـ ...
وقال القاضي عياض، لا يجوز أن يلتفت إلى ما سطره الإخباريون من أهل الكتاب الذين بدلوا وغيروا نقله بعض المفسرين، ولم ينص الله على شيء من ذلك، ولا ورد في حديث صحيح، والذي نص عليه الله في قصة داود (وظن داود أنما فتناه) وليس في قصة داود وأوريا خبر ثابت وهذا هو الذي ينبغي أن يعول عليه من أمر داود.
قال الرازي: حاصل القصة يرجع إلى السعي في قتل رجل مسلم بغير حق، وإلى الطمع في زوجته وكلاهما منكر عظيم، فلا يليق بعاقل أن يظن بداود عليه السلام هذا، وقال غيره: إن الله أثنى على داود قبل هذه القصة وبعدها وذلك يدل على استحالة ما نقلوه من القصة فكيف يتوهم عاقل أن يقع بين مدحين ذم ولو جرى ذلك من بعض الناس لاستهجنه العقلاء، ولقالوا أنت في مدح شخص كيف تجري ذمه أثناء مدحك والله تعالى منزه عن مثل هذا في كتابه القديم.