وروى سعيد بن المسيب والحارث الأعور عن عليّ بن أبي طالب أنه قال من حدثكم بحديث داود على ما يرويه القصاص جلدته مائة وستين جلدة وهو حد الفرية على الأنبياء وروى أنه حُدِّث بذلك عمر بن عبد العزيز وعنده رجل من أهل الحق فكذب المحدث به، وقال إن كانت القصة على ما في كتاب الله فما ينبغي أن يلتمس خلافها، وأعظم بأن يقال غير ذلك وإن كان على ما ذكرت وكف الله عنها ستراً على نبيه فما ينبغي إظهارها عليه فقال عمر سماعي هذا الكلام أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس.
قال النسفي: والذي يدل عليه المثل الذي ضربه الله بقصته عليه السلام ليس إلا طلبه إلى زوج المرأة أن ينزل له عنها فحسب، وإنما جاءت على طريق التمثيل والتعريض دون التصريح، لكونها أبلغ في التوبيخ من قبل أن التأمل إذا أداه إلى الشعور بالمعرض به كان أوقع في نفسه وأشد تمكناً من قلبه، وأعظم أثراً فيه، مع مراعاة حسن الأدب بترك المجاهرة انتهى قال أبو السعود: وأما ما يذكر من أنه عليه السلام تزوج امرأة أوريا فهو إفك مبتدع مكروه، ومكر مخترع تمجه الأسماع، وتنفر عنه الطباع، ويل لمن ابتدعه وأشاعه، وتباً لمن اخترعه وأذاعه، وسيأتي الكلام على ذنب داود عليه السلام في آخر هذه القصة.