الرضاع ثلاثة وعشرون شهراً وإذا وضعت لستة أشهر فحولان كاملان لأن الله يقول وحمله وفصاله ثلاثون شهراً.
(حتى إذا بلغ أشده) أي بلغ استحكام قوته وعقله، وغاية شبابه واستوائه، وهو جمع لا واحد له من لفظه، وكان سيبويه يقول: واحده شدة، وبلوغ الأشد أن يكتهل، ويستوفي السن التي تستحكم فيها قوته ولبه، وذلك إذا أناف على الثلاثين وناطح الأربعين، وقد مضى تحقيق الأشد مستوفى، ولا بد من تقدير جملة تكون حتى غاية لها، أي عاش واستمرت حياته، وقيل: بلغ عمره ثماني عشرة سنة. وقيل: الأشد الحلم، قاله الشعبي وابن زيد، وقال الحسن: وهو بلوغ الأربعين والأول أولى لقوله: (وبلغ أربعين سنة) فإن هذا يفيد أن بلوغ الأربعين هو شيء وراء بلوغ الأشد، قال المفسرون: لم يبعث الله نبياً قط إلا بعد أربعين سنة إلا ابني الخالة.
(قال رب أوزعني) أي ألهمني ورغبني ووفقني، قال الجوهري: استوزعت الله فأوزعني أي استلهمته فألهمني (أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي) أي ألهمني شكر ما أنعمت علي من الهداية (وعلى والدي) من التحنن عليّ منهما حين ربياني صغيراً وقيل أنعمت عليَّ بالصحة والعافية وعلى والدي بالغنى والثروة (وأن أعمل) عملاً (صالحا ترضاه) مني.
(وأصلح لي في ذريتي) أي اجعل ذريتي صالحين راسخين في الصلاح، متمكنين منه، وعدي بفي لتضمنه معنى اللطف أو هو نزل منزلة اللازم، ثم عدي ليفيد سريان الصلاح فيم، وإلا فالإصلاح متعد كما في قوله تعالى:(وأصلحنا له زوجه) وفي هذه الآية دليل على أنه ينبغي لمن بلغ عمره أربعين سنة أن يستكثر من هذه الدعوات (إني تبت إليك) من ذنوبي (وإني من المسلمين) أي المستسلمين لك المنقادين لطاعتك المخلصين لتوحيدك.