للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منسوخة في أهل الأوثان، وأنه لا يجوز أن يفادوا، ولا يمن عليهم، والناسخ لها قوله: (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم)، وقوله: (فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم) وقوله: (وقاتلوا المشركين كافة) وبهذا قال قتادة والضحاك والسدي وابن جريج وكثير من الكوفيين قالوا: والمائدة آخر ما نزل فوجب أن يقتل كل مشرك إلا من قامت الدلالة على تركه، كالنساء والصبيان، ومن تؤخذ منه الجزية، وهذا هو المشهور من مذهب أبي حنيفة.

وقيل: إن هذه الآية ناسخة لقوله: (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم)، روي ذلك عن عطاء وغيره، وقال كثير من العلماء: إن الآية محكمة وإن الإِمام مخير بين القتل والأسر، وبعد الأسر مخير بين المن والفداء، وبه قال مالك والشافعي والثوري والأوزاعي وأبو عبيدة وغيرهم، وهذا هو الراجح لأن النبي صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين من بعده فعلوا ذلك، وقال سعيد بن جبير: لا يكون فداء ولا أسر إلا بعد الإثخان والقتل بالسيف، لقوله: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض)، فإذا أسر بعد ذلك فللإِمام أن يحكم بما رآه من قتل أو غيره.

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " يوشك من عاش منكم أن يلقى عيسى ابن مريم إماماً مهدياً، وحكماً عدلاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، وتضع الحرب أوزارها "، رواه عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه.

وعن سلمة بن نفيل عن النبي صلى الله عليه وسلم، من حديث قال: " ولا تضع الحرب أوزارها حتى يخرج يأجوج ومأجوج (١) "، رواه ابن مردويه وابن سعد وأحمد والنسائي والبغوي والطبراني.

والحاصل أن حتى غاية لأحد الأمور الأربعة أو للمجموع عند الشافعي وأما عند أبي حنيفة فإن حمل الحرب على حرب بدر فهي غاية للمن والفداء


(١) وذلك من علامات الساعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>