للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن أنس قال: " قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: لو أتيت عبد الله ابن أبيّ فانطلق إليه وركب حماراً، وانطلق المسلمون يمشون، وهي أرض سبخة، فلما انطلق إليه قال: إليك عني، فوالله لقد آذاني ريح حمارك، فقال رجل من الأنصار: والله لحمار رسول الله صلى الله عليه وسلم أطيب ريحاً منك، فغضب لعبد الله رجال من قومه، فغضب لكل منهما أصحابه، وكان بينهم ضرب بالجريد والأيدي والنعال، فنزلت (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) " الآية (١) أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما.

وقد روي نحو هذا من وجوه أخر، قال ابن عباس كان قتال بالنعال والعصي، فأمرهم أن يصلحوا بينهما وعن عائشة قالت: ما رأيت مثل ما رغبت عنه هذه الأمة في هذه الآية، وقيل المراد من الطائفتين الأوس والخزرج.

(فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ) البغي التعدي بغير حق، والامتناع من الصلح الموافق للصواب، والاستطالة والظلم، والفيء الرجوع، وقد سمي به الظل والغنيمة، لأن الظل يرجع بعد نسخ الشمس، والغنيمة ما يرجع من أموال الكفار إلى المسلمين، والمعنى أنه إذا تقاتل فريقان من المسلمين، فعلى المسلمين أن يسعوا بالصلح بينهم، ويدعوهم إلى حكم الله. فإن حصل بعد ذلك التعدي من إحدى الطائفتين على الأخرى، ولم تقبل الصلح ولا دخلت فيه، ولم تتأثر بالنصيحة وأبت الإجابة إلى حكم الله تعالى، كان على المسلمين أن يقاتلوا هذه الطائفة الباغية، حتى ترجع إلى أمر الله وحكمه وكتابه، وقيل: إلى طاعته في الصلح الذي أمر به، وحتى للغاية، وقيل بمعنى كي، فتكون للتعليل، والأول كما قال بعضهم هو الظاهر المناسب لسياق الآية.


(١) رواه البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>