للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مما جاء به، وإن كانوا على ضلال ووبال وكفر، فذلك لا يوجب خروجهم عن العموم المذكور في القرآن الكريم.

ولا يستلزم اندراجهم تحت هذا العموم أنهم على شيء، بل هم هالكون في الآخرة وإن كانوا مجعولين فوق الذين كفروا، فذلك إنما هو في هذه الدار، ولهذا يقول الله جل وعلا بعد قوله (وجاعل الذين اتبعوك) الآية (ثم إليّ مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون) إلى قوله (لا يحب الظالمين).

فالحاصل أن المجعولين فوق الذين كفروا هم أتباع عيسى قبل النبوة المحمدية، وهم النصارى والحواريون، وبعد النبوة المحمدية هم المسلمون والنصارى والحواريون، والأولون هم الأتباع حقيقة، وغيرهم هم الأتباع في الصورة، وقد جعل الله الجميع فوق الذين كفروا من اليهود وسائر الطوائف الكفرية.

وقد كان الواقع هكذا فإن الملة النصرانية قبل البعثه المحمدية كانت قاهرة لجميع الملل الكفرية ظاهرة عليها، غالبة لها، وبعد البعثة المحمدية صارت جميع الأمم الكفرية نهبى بين الملة الإسلامية والملة النصرانية ما بين قتيل وأسير ومسلم للجزية وهذا يعرفه كل من له إلمام بأخبار العالم.

ولكن الله تعالى جعل الملة الإسلامية قاهرة للملة النصرانية مستظهرة عليها. وفاء بوعده في كتابه العزيز كما في الآيات المشتملة على الأخبار بأن جنده هم الغالبون، وحزبه هم المنصورون، ومن ذلك قوله تعالى (فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين) (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً).

وقد أخبر الصادق المصدوق بظهور أمته على جميع الأمم وقهر ملته لجميع الأمم. وبالجملة إنا إذا جردنا النظر إلى الملة الإسلامية والملة النصرانية فقد ثبت

<<  <  ج: ص:  >  >>